قرية خالية من السكان ومليئة بالكتب.. في مقدونيا الشمالية
في حادثة غريبة من نوعها هناك قرية مرّ زمن طويل على مغادرة معظم سكانها لها، تدعى قرية بابينو النائية في جبال مقدونيا الشمالية، إلا أن آلاف الكتب لا تزال صامدة فيها، مع حارسها الأمين ستيفو ستيبانوفسكي.
حيث تناقلت أجيال عائلة ستيبانوفسكي المجموعة المؤلفة من 20 ألف كتاب، إذ كان والد جدّه هو من أطلق هذا التقليد في نهاية القرن التاسع عشر عقب تلقّيه كتباً من جنود عثمانيين مرّوا عبر الوادي المعزول في جنوب غربي مقدونيا الشمالية الواقعة في منطقة البلقان.
تحوي المكتبة كتباً تاريخية تتناول ما أصبح حالياً مقدونيا الشمالية، وروايات مكتوبة باللغة المحلية، ومجلدات بالفارسية والعربية والتركية بالإضافة إلى كتب باللغة الصربية – الكرواتية، وتعرض مجموعة الكتب داخل منزل حجري عمره مئات السنين، إلى جانب صور أصلية التقطها صحافي غطّى أحداث الحرب العالمية الأولى، وخرائط قديمة وقواميس بلغات متعددة خاصة بمنطقة البلقان.
يقول الرجل المتقاعد لوكالة “فرانس برس” إنّ بابينو تمثل “قرية تنوير وتعليم”، معتبراً أنّ السكان استفادوا من المكتبة وخرّجت القرية عدداً كبيراً من المعلمين، ولم يكن هناك منزل إلّا وكان أحد أفراده من المعلّمين”.
وعلى غرار ما يحدث في كل تلك المنطقة الفقيرة من جنوب شرقي أوروبا، تشهد مقدونيا الشمالية انخفاضاً كبيراً في أعداد سكانها يعزّزه انخفاض في معدّل المواليد ونزوح جماعي، وأصبحت قرى ريفية كثيرة حالياً خالية من السكان، وتأثرت قرية بابينو بصورة كبيرة، إذ لم يبق فيها سوى 3 مقيمين دائمين من أصل 800 شخص كانوا يقطنونها.
ويظهر ستيفو ستيبانوفسكي الذي طرده أبناؤه من المنزل إصراراً على عدم ترك قريته، وعلى الرغم من قلة السكان فيها فإنه نادراً ما يكون وحيداً لأنه يستقبل بين 3000 و3500 زائر في المكتبة سنوياً.
ويأتي غالبية الزوار من المدن والقرى المجاورة أو من دول منطقة البلقان، بالإضافة إلى الذين يحضرون من البرازيل ومصر والمغرب، فضلاً عن عشرات الباحثين والمثقفين.