الأخبار والأحداثالمحلية

صناعة السفن والقوارب في المملكة.. بين الأمس واليوم

تشتهر المملكة العربية السعودية بالعديد من الصناعات والحرف اليدوية قديماً، وتظل باقية إلى اليوم، مستمدة بريقها، من بريق المدن الشاطئية، أو التي تطل على البحار والخلجان، كجدة وجازان، أو المنطقة الشرقية.

لكل مهنة اسمها الخاصة، فقد عُرف صناع السفن باسم “القلاف أو الجلاف”، وهم صناع القوارب أو السفن القديمة ومهندسيها، فهم من يحددون المقاسات بدقة، ثم أعمال النجارة، وانتقاء الأخشاب المناسبة للقوارب أو السفن، واستخداماتها.. والقلاف مصطلح عربي قديم بمعنى قشر الشجرة ولحائها.

وتعتمد صناعة القوارب في جازان على الأخشاب التي تنمو في المناطق الساحلية الجنوبية الغربية من المملكة، وتعرف باسم شجرة الأثل، وتستغرق صناعة القارب نحو60 يومًا تقريبًا، وتتطلب صناعة السفن بعض الأدوات مثل الخشب وخصوصًا الساج، وجوز الهند، والصنوبر، والأثل، وكذلك القطن، والمسامير، والشونة، وبعض أنواع الأقمشة لصناعة الأشرعة، وتصنع قوارب الصيد من الخشب السويدي، وخشب الجاوة الأحمر.. لكن مع ندرة هذه الأخشاب تحوّل الصنّاع إلى شراء الأخشاب من الداخل، كخشب «النيم، والسدرة، والأثل، والعرج»، وهي ذات نوعية خاصة، وإن كانت تكلفتها عالية جدًّا، خاصة خشب «الساج» الذي يتم استيراده من ساحل العاج، وتتنوع استخدامات القوارب الخشبية، مثل الصيــد، وتصنع من أخشاب السويدي، الجاوي، الوشام الأبيض، الشراك، الشلماني، النبار، وهناك مصطلحات خاصة بكل فرد على القارب، فالريس هو قائد المركب، والفرادي مساعد قائد المركب.

وفي المنطقة الشرقية ازدهرت صناعة السفن اليدوية، ومنها امتدت إلى الخليج العربي، فامتاز صناعها بالمهارة الفائقة، والخبرة، والسرعة في الإنجاز، حيث قاموا ببناء سفن عابرة البحار والمحيطات دون أن تصاب بأذى، فقد كانت سفن الخليج تصل إلى الهند وباكستان وغيرها من الدول بهدف التجارة أو الصيد.

وتبدأ صناعة السفين بالتجهيز وتوفير المواد الخام، التي تختلف حسب نوع السفينة وطريقة تصميمها، ثم يقوم القلافين بتنفيذ الأوامر التي يأخذها الجميع من المشرف أو المراقب على التصميم، فتوضع القاعدة الأمامية أولاً ثم الخلفية، بعد ذلك توضع الألواح الجانبية ثم الأضلاع الداخلية، ثم يتم عمل السطح ومن ثم تكملة الجوانب، وبعد الانتهاء من البناء الأساسي للسفينة تبدأ أعمال التشطيبات التي تأخذ وقتاً كبيراً، وبعد الانتهاء من السفينة تماماً توضع الأشرعة التي تصّنع من أحد أنواع النسيج، وتقوى حوافه بالحبال السميكة، وتتم خياطة جميع حواف الشراع لضمان تماسكه، وتستخدم في ذلك “الميبر” وهي إبرة كبيرة مخصصة لهذا الغرض، الذي يتناسب مع سماكة الأقمشة.

وقبل إنزال السفينة للماء يتم طلاؤها بالزيت لوقايتها من التلف وزيادة قدرتها على تحمل ضغط الماء الخارجي، ومنع تسربه إلى داخلها، إضافة لزيادة لمعانها، ويختلف الوقت اللازم لبناء سفينة، كون هذا الأمر يعتمد على نوعية السفينة ومواصفاتها، إضافة إلى حجمها وعدد العاملين بها.

أنواع السفن التي تصنع بالمملكة:

الجروي: هي السفن من دور واحد، وتستخدم للصيد في مناطق بعيدة من الساحل.

الهوري: تستخدم للصيد القريب من الساحل.

السفن الشراعية: تتميز بكبر حجمها وتتألف من دورين، وقد اشتهرت مدينة جدة بصناعة السفن ذات الأشرعة والمجاديف.

تعرف صناعة أشرعة السفن محلياً باصطلاح “تفصال شرعه”، وتختص بتفصيل أشرعة السفن التقليدية وخياطتها، ويسمى الشخص الذي يعمل في هذه الصناعة “مفصّل شرعه” ويتميز المفصّل بالمهارة والدقة، نظراً لما يتطلبه من دقة في حساب نسب أطوال الأشرعة، وفق معايير حسابية متعارف عليها لدى أهل المهنة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى