الفضلي يؤكد أهمية حوكمة وتنظيم العيون المائية في استدامة مصادر المياه
أكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، استمرار سعي الوزارة في العمل على استدامة مصادر المياه في المملكة، من خلال تعظيم الاستفادة من عودة جريان مياه بعض العيون والأفلاج في عددٍ من المواقع بمدن ومناطق المملكة المختلفة؛ مما يُسهم في دعم جهودها لتحقيق الأمن المائي، وتعزيز التنمية الريفية والزراعية، مشيرًا إلى أهمية تضافر الجهود بين الوزارة والجهات ذات العلاقة والمجتمع المحلي؛ لإدارة العيون و الافلاج والعمل على تأهيلها ووضع أسس تنظيمها وحوكمتها، وتعظيم الفائدة منها.
جاء ذلك خلال ورشة العمل المتخصصة التي نظمتها الوزارة بالرياض، تحت عنوان: “العيون المائية في المملكة.. وضعها، تشريعاتها، واستدامتها”، والتي اشتملت على جلسات حوارية وحلقات نقاش مهمة، شارك فيها عددٌ من الخبراء والأكاديميين المحليين والإقليميين المختصين في مجال المياه والموارد المائية.
وتهدف الورشة إلى بحث سُبل الاستفادة القصوى من عودة مياه العيون والأفلاج لتحقيق التنمية الريفية والزراعية، ومعرفة أفضل الممارسات العالمية والإقليمية لإدارتها وحوكمتها، بالإضافة إلى مناقشة آليات تأهيل العيون والأفلاج، وتنظيمها وحوكمتها.
وأوضح وكيل الوزارة للمياه الدكتور عبد العزيز الشيباني، أن زيادة الهاطل المطري في المملكة، وارتفاع مستويات المياه في طبقة الرسوبيات؛ تسببت في عودة جريان بعض العيون، كما ساهمت في جريانها عدة عوامل أخرى، من بينها، وجود آبار التغذية في بحيرات بعض السدود، وإزالة وتنظيف الطمي منها بشكلٍ مستمر، بالإضافة إلى توقف عدد كبير من الآبار الجوفية الموجودة على الطبقة المغذية للعيون في أعالي الأودية؛ وذلك بسبب هجرة المزارعين خلال فترة الجفاف، إلى جانب إزالة العقوم والحواجز من مجاري الأودية، منوهًا إلى ضرورة تعظيـم الاسـتفادة مـن ميـاه العيـون، من خلال وجـود مزارع بالقرب منها، وتنظيـف وصيانـة القنـوات الناقلـة لميـاه العيون إلى برك التقسيم، إلى جانب الاستفادة من المياه الفائضة في مشاريع التشجير، ضمن مبادرة السعودية الخضراء.
وأبان الدكتور الشيباني، أن العيون المائية في المملكة تُقسّم من حيث التصنيف الجيولوجي إلى ستة أنواع؛ منها ثلاثة أنواع توجد في الدرع العربي، ومثلها في الرف الرسوبي، مبينًا أن إجمالي عدد العيون يُقدّر بأكثر من (700) عين، تعرّض معظمها للجفاف بسبب قلة الأمطار، والسحب الجائر، بالإضافة إلى الاستمرار في حفر الآبار بالقرب من المجاري المغذية للعيون؛ مما يتسبب في حرمان الأودية من التغذية بالمياه، مشيرًا إلى أن الوزارة بصدد القيام بعمل دراسة شاملة، لحصر عدد العيون، ورصد خصائصها الجيولوجية والهيدرولوجية.
من جانبه، أشار الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للري المهندس محمد بن زيد أبو حيد، أن مؤسسة الري تلعب دورًا محوريًا في صيانة العيون والأفلاج واستدامتها، بالإضافة إلى العمل على دمـج أنظمـة الـري التقليديـة مـع تقنيـات الـري الحديثـة؛ لزيـادة كفـاءة اسـتخدام الميـاه والمحافظـة عليها، وتحسين جودتها، من خلال معالجـة مصـادر التلـوث ومراقبتهـا بشـكل دوري، وتطويـر حلـول لتخزيـن الميـاه، مثـل بنـاء الخزانـات وأحـواض التجميــع، وذلك لضمــان توفــر الميــاه خــلال فــترات الجفــاف، داعيًا إلى تعزيـز التعـاون مع الشركاء والمجتمع المحلي، في إدارة المياه وحمايتها، من خلال بيـوت الخـبرة ومراكـز البحوث؛ لتأهيـل العيـون والأفلاج، وضمـان اسـتدامة تدفقهـا والاسـتفادة منهـا.
بدوره، أوضح مدير مركز أبحاث المياه بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان الدكتور علي بن خميس المكتومي، أن الأفلاج في سلطنة عمان، تشـكّل مـورًدا أساسـيًا مـن مـوارد الميـاه فـي معظـم المـدن والقـرى، وتُعد مـن أكـثر المـوارد المائيـة تأثـرًا بانخفـاض مسـتويات الأمطار، لذلك تبذل الدولة جهودًا كبيرة لتعزيـز الوضـع المائـي وحمايـة الأفـلاج وصيانتها، إلى جانب سن القوانين والتشريعات، لحمايـة مصادرهـا المائيـة مـن التلـوث والاسـتنزاف، مبينًا أن عــدد الأفــلاج فــي عمــان يتجاوز (4112) فلجـًـا، بإجمالي أطوال يبلغ (2900) كلــم، وتدفقــات مائيــة تبلــغ نحو (680) مليــون متر مكعـب سـنويًا، ما يعادل (43٪) مـن إجمالـي مصـادر الميـاه المتجـددة فـي عمـان، وتـروي مساحات زراعية تتجاوز (18) ألف هكتار، تمثّل (30٪) مـن إجمالـي المسـاحة المزروعة في سلطنة عمان.
إلى ذلك، تضمنت الورشة ثلاث جلسات حوارية رئيسة، بمشاركة عددٍ من الخبراء المحليين والإقليميين والأكاديميين والمختصين في مجال المياه والموارد المائية، تناولت الجلسة الأولى، وضع العيون والأفلاج في مختلف مناطق المملكة، فيما استعرضت الجلسة الثانية الأعراف والأنظمة المحلية لإدارة العيون والأفلاج، بينما خُصصت الجلسة الثالثة لاستعراض التجارب الإقليمية في إدارة العيون والأفلاج، حيث تناولت الجلسات تجارب كلٍ من سلطنة عمان، والمملكة المغربية، والإمارات العربية المتحدة؛ للاستفادة من نقل وتبادل الخبرات والممارسات المتنوعة، واختتمت الجلسات بحلقة نقاش، تناولت تحديات استدامة وإدارة العيون والافلاج في المملكة.