الملك سلمان.. القائد الأب في الزمن الصعب (ج1) بقلم /بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
بقلم سمو الأمير اللواء الركن م.د .بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
في كل خطاباته وأحاديثه إلينا، التي تتصل بسيرة المؤسس، الملك عبد العزيز آل سعود، طيَّب الله ثراه، والد الجميع، يؤكد قائدنا الأب اليوم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في هذا الزمن الصعب، الذي لم يشهد العالم له مثيلاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، نتيجة جائحة كورونا الخطيرة القاتلة؛ وما ترتب عليها من تدهور اقتصادي، وخلل اجتماعي أصاب العالم كله بشلل تام، وما سبق هذه الجائحة من حركات تطرف وإرهاب خلطت الأوراق وزعزعت الأمن والاستقرار، وعطَّلت عجلة التنمية في كثير من بلدان العالم؛ يضاف إلى هذا ما تشهده منطقتنا خاصة من سباق محموم على النفوذ، حتى من إيران التي سخَّرت إمكاناتها كلها وقدرات شعبها للخراب والدمار، فجنَّدت عملاء لها في كثير من بلدان العالم العربي، فضلاً عن الهجمة الشرسة الثانية التي يعيشها العالم هذه الأيام مع إطلالة فصل الشتاء.. أقول، في كل خطاباته وأحاديثه إلينا عن المؤسس، يؤكد والدنا الملك سلمان، قائدنا في هذا الزمن الصعب، أن الملك عبد العزيز آل سعود لم يأخذ حقَّه التاريخي من الكتَّاب والمؤلفين (ليس لكون عبد العزيز رجلاً من رجال التاريخ فحسب، بل لما تميز به من صفات شخصية نادرة، وآثاره في توحيد المملكة العربية السعودية، وآثاره في العالم العربي والإسلامي والدولي ككل، والمنجزات الكبيرة التي حقَّقها الملك عبد العزيز لوطنه ولشعبه وللأمتين العربية والإسلامية، ومناصرته لقضايا الحق والعدل والسلام في العالم، لن يرصدها مائة كتاب أو مئتا كتاب أو حتى ألف كتاب، بل ستستمر أجيال عديدة تكتب عن هذه المنجزات العظيمة)، مؤكدًا مقامه السامي الكريم أن الملك عبد العزيز من الرجال الأفذاذ في التاريخ، ولا يقول هذا لأن عبد العزيز والده، وإن كان هذا فخر له على كل حال، إلا أن عبد العزيز كان أباً لكل إنسان في هذه المملكة.
وبالمقابل يقول محدثكم اليوم، ما أشبه الليلة بالبارحة، فمثلما كان عبد العزيز أباً لكل إنسان في هذه المملكة العريقة، فها هو ابنه الملك سلمان، أشبه الناس بعبد العزيز خَلْقَاً وخُلْقَاً، قد أصبح اليوم أيضاً مثل والده المؤسس، أباً لكل إنسان في دولة عبد العزيز، ليس لأنني أرى في مقامه السامي الكريم والداً لي بسبب ما يربط بيننا من صلة قربى وثيقة، وإن كان هذا فخر لي على كل حال، مثلما يفخر مقامه السامي الكريم بانتمائه لعبد العزيز، بل لأن سلمان مثل عبد العزيز أيضاً، إذ يُعَدُّ من رجال التاريخ الذين لم يجدوا حقهم التاريخي من الكتَّاب والمؤلفين، وهو مثله أيضاً بما حقَّقه لبلاده وللعالمين العربي والإسلامي ولشعوب العالم أجمع. والملك سلمان قائد مسيرة خيرنا القاصدة اليوم مثل والده المؤسس أيضاً، إذ تعجز مائة كتاب أو مئتا كتاب أو حتى ألف كتاب عن رصد منجزاته العظيمة للجميع، ومناصرته لقضايا الحق والعدل والسلام في العالم؛ وسوف تستمر أجيال عديدة تكتب عن منجزات خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود العظيمة، دون أن توفيها حقَّها.
أجل، ففي هذا الزمن الصعب الذي أطلَّت فيه الفتن والابتلاءات من كل جانب، وأحاطت ببلادنا من كل ناحية، عمل الملك سلمان بحزمه المعهود وعزمه، وحسمه المشهود، متسلحاً بثقته التي لا تحدها حدود في نصر ربِّه القوي العزيز، ثم بالتفاف شعبه حوله، مستنداً بعد توفيق الله سبحانه وتعالى لما وهبه الخالق من حكمة وحنكة وذكاء ينير البصيرة، وجلد يجعل عظائم الأمور صغيرة في عين قائد مدرك لأهمية رسالة بلاده السامية العظيمة، ولما يهدد استقرار العالم وأمنه وسلامه، ويعطل عجلة التنمية فيه.
ولأنه يعرف أهمية الحياة وقيمة الوقت الذي هو أثمن نعمة عنده بعد نعم الإيمان والصحة والعافية، عمل أبو فهد بجد وحزم وعزم وحسم، أربعة وعشرين ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع الواحد، وصل فيها الليل بالنهار وهو ينكبُّ على العمل؛ فحوَّل بلادنا العزيزة الغالية هذه التي ليس مثلها في الدنيا وطن، إلى ورشة هائلة للعمل والإنجاز والإبداع، كما أكد مقامه السامي الكريم، محقِّقاً لبلاده ولشعبه في عهده الزاهر الميمون هذا، الذي تكاد سنواته القليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ما عجز عن تحقيقه قادة بلدان آخرين كثر في عقود.
وقطعاً صحيح، لقد تفضَّل المنعم الوهَّاب عزَّ وجلَّ على بلادنا بخيرات وفيرة، لكن صحيح أيضًا أن القيادة الرشيدة هي إحدى أعظم نعم الله علينا التي لا نستطيع حصرها؛ فثمَّة بلاد كثيرة في العالم، ربَّما يكون لديها أضعاف ما لدينا من نعم، مقارنة بعدد السكان وعوامل أخرى عديدة، يقدرها خبراء الاقتصاد، إلا إنه مع هذا، ما زالت شعوب تلك البلدان المغلوبة على أمرها تعيش اليوم عالة تتكفف الناس، منعوها أو أعطوها.. والسبب: فساد قياداتها.
فقد شرع قائدنا سلمان في العمل، لا أقول في اليوم الأول الذي اعتلى فيه سدَّة الحكم، بل في الساعات الأولى من فجر ذلك اليوم، مع أنه كان يوم عطلة رسمية، الجمعة 3/4/1436ه، الموافق 23/1/2015م، يوم أن ودَّعنا الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وجعل الجنة مثواه، إلى دار الخلد؛ إذ أعاد الملك سلمان هيكلة الدولة بدمج وزارات مع بعضها البعض، واستحداث وزارات أخرى جديدة، فشهدت البلاد في عهده الزاهر الميمون هذا، مشروعات تنموية هائلة في كل مجالات البنية التحتية من مستشفيات، طرق، جسور، جامعات، معاهد، مدارس، رياض أطفال، مدن صناعية عملاقة؛ فضلاً عن مشروعات الإسكان التي حقَّقت نجاحاً غير مسبوق على الإطلاق منذ عقود في معدل تمليك المواطنين السكن المناسب الذي يليق بهم ويحقق لهم ذاتهم، تجاوز المعدل العالمي؛ إضافة لاهتمامه بالمشروعات التقنية من ذكاء اصطناعي وغيره.
كما تم في عهد سلمان الخير تدشين رؤيتنا (2030) الذكية الطموحة التي تُعَدُّ أكبر خطة تحول وطني، التي هندسها ولي عهدنا القوي بالله الأمين، أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وجاءت مشتملة على حزم متكاملة من الإصلاح في كل مناحي الحياة، أبرزها المجالين الاقتصادي والاجتماعي بهدف تنويع مصادر الدخل، حتى لا يتأثر اقتصادنا، وبالتالي مشروعاتنا التنموية الحيوية بتذبذب أسعار النفط الذي كان إلى وقت قريب جداً يمثل مصدر دخلنا القومي الوحيد، وبدا أن السياسة تؤثر كثيراً على أسعاره. وهكذا يكون قائدنا البطل الفذ الملك سلمان، قد سحب البلاط من أقدام أولئك الذين يخلطون السياسة بالاقتصاد لتنفيذ أجندة سياسية مغرضة ضدَّنا.. غير أن هذا الأمر الخبيث الذي تفوح منه رائحة المؤامرة النتنة الدنيئة قد أصبح من الماضي، كما يؤكد ولي عهدنا القوي بالله الأمين أخي الأمير محمد بن سلمان.
يضاف إلى هذا، جذب الاستثمارات الخارجية، وتنفيذ برنامج التحول الوطني (2020) الذي أثبت نجاحاً منقطع النظير في تحقيق التوازن المالي؛ وحارب الفساد دونما هوادة، فأعاد لخزينة الدولة أكثر من مائة مليار ريال من أموال الدولة التي استولى عليها أولئك، ليعود نفعها على الشعب كله. وهكذا أصبحت الميزانية تسجل زيادة مضطردة غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة، دونما حاجة لاعتماد النفط مصدراً أساسياً وحيداً، بخلاف ما كان يحدث سابقًا.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى