إمام المسجد النبوي: استمطروا رحمة الله بالصلاة
دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. أحمد بن طالب بن حميد – في خطبة الجمعة – إلى استمطار سحائب رحمة الله بالصلاة، فلا يزال العبد مستسقيا من بيده غيث القلوب وسقيها لأن لا ييبس ما أنبتته له من كلأ الإيمان وثمار الإيقان، فإن الله عز وجَّل أمَر يَحَيى بَنَ زكِريَّاِ بَخمِس كِلمات أن يعَمَلِ بها و يأمَرَ بني إسرائيَل أنَ يعملوا ِبها، وكان من ذلك أن قال: “وإن الله أمركم بالصلاة فإذا َصلَّيتم فلا تَلتَفتوا فإن َالله ينِصب وجَهه لَوجِه َعبِدِه في َصلاِتِه ما لَمَ يلتَِفْت” .
وقال : الصلاة قرة عيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، ومحك أحوال الصادقين ، وميزان أحوال السالكين وهي رحمة الله المهداة إلى عبيده، هداهم إليها وعرفهم إياها رحمة بهم وإكراما لهم، لينالوا بها شرف كرامته، والفوز بقربه، لا حاجة منه إليهم، بل منة وفضلا منه عليهم وتعبّد بها القلب والجوارح جميعا، وجعل حظ القلب ونصيبه منها أكمل الحظين وأعظم النصيبين، إقبالا على ربه، وفرحا بسيبه، وتلذذا بقربه، وتنعما بحبه وابتهاجاً بالقيام بين يديه قال تعالى : ” وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ “، ” الَّذين يظنّون أَنَّهم ملاقو ربّهم وأَنَّهم إلَيه راجعون “.
وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” وجعلت قرة عيني في الصلاة ” وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ولما امتحن سبحانه عبده بالشهوات وأسبابها اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من الألوان والأحوال تحفا وِخِلَعا وعطايا، ودعاه إليها كل يوم خمس مرات، وجعل في كل لون وحال لذة ومنفعة لتكمل عبوديته، وتعظم كرامته، وتكفَّر خطيئته، فلكل لون نوره، ولكل حال سروره، يجده المصلي قوة في قلبه، وعونا في جوارحه، وثوابا يخص كل فعل يوم لقاء ربه، قال صلى الله عليه وسلم : ” أََرأَيتْم لو أَّن نَْهرا بَباب أََحِدكْم َيْغتَِسل منه كَّل يَوم َخْمس مَّرات،هْل َيْبقَى ِمن دََرِنِه شيء؟قالوا : لا َيْبقَى من دََرِنِه شيء، قاَل:فَذلَك َمثَلا للصلََوات الَخْمِس ، يْمحو اللَه بِهَّن الَخَطاَيا “، وذََكَر صلى الله عليه وسلم الصلاةَ يوما فقاَل: ” من حافَظ علَيها كانت لَه نورا وبرهانا ونَجاة يوم القيامة “، فيصدر المدعو من هذه المأدبة وقد أشبعه مولاه وأرواه ، وخلع عليه خِلع القلوب، لأن القلب كان قد ناله من القحط والجدب والجوع والظمأ ما نال.
وأضاف : لما كان جدب الأرواح متتابعا، وقحط النفوس متواليا جدد الله الدعوة إلى هذه المأدبة حينا بعد حين، رحمة منه وفضلا فلا يزال العبد مستسقيا من بيده غيث القلوب وسقيها، مستمطرًا سحائب رحمته وريها لأن لا ييبس ما أنبتته له من كلأ الإيمان وثمار الإيقان، عباد الله إَّن َالله عز وجَّل أمَر يَحَيى بَنَ زكِريَّاِ بَخمِس كِلمات أن يعَمَلِ بها و يأمَرَ بني إسرائيَل أنَ يعملوا ِبها الحديث، وكان من ذلك أن قال: “وإ َّن َالله أمركم بالصلاة فإذا َصلَّيتم فلا تَلتَفتوا فإن َالله ينِصب وجَهه لَوجِه َعبِدِه في َصلاِتِه ما لَمَ يلتَِفْت” .
كما بين أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ، فسر الصلاة وروحها ولبها إقبال العبد على الله بكليته، فكما أنه لا ينبغي له أن يصرف وجهه عن قبلة الصلاة، فكذلك لا ينبغي له أن يصرف قلبه عن سيده ومولاه، فبيت الله قبلة وجهه، ورب البيت قبلة قلبه، فإذا أقبل على الله أقبل الله عليه، وإذا أعرض أعرض الله عنه .