آن الأوان لإجراء تقييم وإعادة صياغة لسياساتنا الخارجية بما يتناسب وما يعيشه عصرنا الحالي من متغيرات جذرية نالت مختلف المناحي الحياتية، ولما تعيشه بلادنا الحبيبة من تطور مذهل في كافة المجالات جعل منها أحد أهم دول العالم تأثيراً في الحراك التنموي لمختلف الدول، ولا أدل على ذلك من كونها أحد الدول العشرين الأقوى إقتصاداً في العالم، ولما حباها الله من ثروات طبيعية تعد الأولى في إنتاجها واحتياطياتها، والمملكة العربية السعودية أصبحت دولة في مقدمة الدول الأكثر اقتصاداً والأكثر تأثيراً كونها مهبط الوحي ومنطلق الرسالة المحمدية وحامية الحرمين الشريفين الذي يلتف حوله كل المسلمين في شتى بقاع الأرض .
ولعل ذلك كله يستوجب أن يعاد تقييم سياستنا الخارجية وإعادة صياغتها بما يتناسب وتلك المكانة الكبيرة التي تحتلها ضمن دول العشرين، كي تختلف تلك النظرة المتقادمة التي يحملها البعض من قادة الدول وحتى شعوبها بأن المملكة ماهي إلا صحراء تنام على ثروة يستوجب النهب منها تحت مسميات منها المساندة العسكرية والحماية ومنها المعونات، فبلادنا تستطيع أن تكون ضمن الدول المتقدمة صناعياً وعسكرياً وتقنياً وبترولياً إذا أحسن استثمار تلك الثروة استثماراً صحيحاً، وهذا مابدأنا نلمسه في مرتكزات وبرامج ومشاريع خطتنا الطموحة 2030 وتحت مسمى الدعم لبعض الدول الشقيقة والصديقة الذي تحول بعض ذلك الدعم إلى أسلحة نحارب بها من تلك الدول .
ولابد أن نعيد صياغة الكثير من سبل استثماراتنا في الخارج وأن نحول تلك الأموال إلى الداخل وأن يتحول الدعم الكامل لمؤسسات الوطن ومصانعة وأفراده كي يكونوا شركاء فعليين ومؤثرين في الحراك التنموي برمته، فالمملكة العربية السعودية لم تعد صراف آلي متاح لمن ادعى وتسول، وهذا لا يمنع من المشاركات الإنسانية المستوجبة والمساعدات المقننة والموجهة بدقة للدول الشقية والصديقة وللدول التي نحتاج منها للضروريات من الأسلحة والغذاء والدواء والكساء .
فما تعلمناه من دروس مضت يستوجب علينا أن نستوعبها ونعيد صياغة ما يتناسب مع مصلحة الوطن وسكانه ويقيني أن قيادتنا رعاها الله بفطنتها وحنكتها ستعيد الكثير من الأمور إلى نصابها فعراب خطتنا الطموحة وولي عهدنا المحبوب سيعيد تقييم وصياغة الكثير من الأمور في سياستنا الخارجية كما أعادها في سياستنا الداخلية واستطاع من خلال ذلك أن يقلب الكثير من الموازين التي كانت مستعصية من قبل .
والله من وراء القصد….
بقلم: د.محمد سالم الغامدي