في ذكراه.. أبرز محطات الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي
تمر اليوم ذكرى رحيل الفيلسوف والكاتب الفرنسي روجيه جارودي، والذي ولد في مثل هذا اليوم 17 يوليو 1913 بفرنسا.
روجيه جارودي مر خلال فترة حياته بعدد كبير من المحطات أبرزها اعتناقه الإسلام سنة 1982، وخلال السطور المقبلة نستعرض نبذة من حياته.
اعتنق البروتستانتية وهو فى سن الرابعة عشرة، درس فى كل من جامعة مرسيليا وجامعة إيكس أون بروفانس، وانضم إلى صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1933، وعين أستاذا للفلسفة في مدرسة الليسيه من ألبي عام 1937، شارك في الحرب العالمية الثانية ووقع في الأسر بالجزائر 1940.
أول حديث لفت انتباهه للإسلام أثناء اسره، حيث أرسل إلى معسكر جنوب الجزائر التابعة لفرنسا آنذاك، وقام مع زملائه المعتقلين الفرنسيين بحركة احتجاج داخل المعسكر الذي كان يقوم على حراسته جنود جزائريون مسلمون الذين رفضوا إطلاق النار على المحتجين عندما صدرت الأوامر بذلك، لينقذوا أرواح المعتقلين ومن بينهم جارودي الذي مثلت تلك الواقعة بداية إعجابه بالإسلام، وانتخب بعد عودته من الحرب عضواً بالبرلمان الفرنسي 1945.
صار واحدا من دعاة حوار الأديان السماوية ووحدتها مع إيمانه بأن الإسلام هو دين المستقبل، فقال في كتاب له: “أظهر الإسلام شمولية كبرى في استيعابه لسائر الشعوب ذات الديانات المختلفة، فقد كان أكثر الأديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد، وكان في قبوله لأتباع هذه الديانات في داره منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم”.
تميزت مسيرته المهنية بالنزاعات، وطرد من الحزبِ الشيوعي الفرنسي عام 1970 بعد انتقاده غزو الاتحاد السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا عام 1968، وفى نفس السنة أسس مركز الدراسات البحوث الماركسية واستمر مديرا له لمدة عشر سنوات بالرغم من أنّه كان مؤيدا للتدخل السوفيتي في المجر قبل 12 سنة.
اشتهر بعدائه الشديد للامبريالية والصهيونية، وبعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982، أصدر بيانا وقّعه معه اثنان من رجال الدين المسيحي واحتل صفحة كاملة من جريدة “اللوموند الفرنسية” بعنوان “معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان”، وكان ذلك البيان بداية صدام بينه وبين المنظمات الصهيونية، التي شنت ضده حملة شرسة في فرنسا والعالم، واتَهمته بالعنصرية ومعاداة السامية، وبخاصة بعد أن نشر بحثه ملف إسرائيل.
حُكم بتهمة التشكيك في المحرقة اليهودية في كتابه “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية”، وصدر الحكم عليه بغرامة مالية كبيرة، ولم يتراجع عن موقفه رغم أنه تجاوز التسعين من عمره.
في 2 يوليو 1982 أشهر إسلامه في المركز الإسلامي في جنيف، وعقد قرانه على “سلمى الفاروقي” فلسطينية الأصل بحضور الإمام الجزائري المعروف “محمود بوزوزو” الذي أصبح واحداً من أصدقائه المقربين، وكتب بعد إسلامه عدة كتب، ولكن بعدت عنه الدوائر الإسلامية، وخاصة عندما انتقد تيارات الفكر الإسلامي المعاصرة، وأعلن أنه لم يتخل باعتناقه الإسلام عن جوهر المسيحية وكونه الماركسية.
يقول روجيه:”إن اعتناقى الإسلام لم يكن شيئاً من قبيل التجربة، ولكنه كان شيئاً كالإنجازات الكبرى فى حياة الإنسان، وعندما شرح الله صدرى للإسلام تكونت لدى قناعة بأن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب بل إنه دين الله، أعنى بذلك أن الإسلام هو الدين الحق منذ خلق الله آدم الإنسان الأول”.