المملكة والكويت.. اقتصاد وتبادل تجاري واستثمار ومصير مشترك
130 عاماً من العلاقات التاريخية بين المملكة والكويت، تعكس عمق العلاقة وخصوصيتها بين القياديتين والشعبين، ومازالت كلمة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) الشهيرة في حاضرة ذاكرة وقلوب الكويتيين حين قال” «إما ان تعود الكويت أو تذهب السعودية معها» وذلك عام 1990 حين غزت العراق دولة الكويت.
إن زيارة الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والوفد الرسمي المرافق له، في أول زيارة خارجية له تعكس عمق العلاقات التي تتميز بجذور عميقة في قلب التاريخ القديم والمعاصر، صنعتها القواسم المشتركة والمواقف التاريخية منذ عقود، إضافة إلى السمات المشتركة المبنية على الأخوة ووحدة المصير.
ويعود تاريخ متانة هذه العلاقات إلى عام 1891م، حينما استضاف الأمير الراحل الشيخ مبارك الصباح (مبارك الكبير) الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود ونجله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في الكويت ووقف إلى جانبهما حتى استعادة الملك عبدالعزيز الرياض عام 1902 لتتجاوز العلاقات حينها أبعاد العلاقات الدولية بين جارتين جمعتهما جغرافية المكان إلى مفهوم الأخوة وأواصر التقارب والمصير المشترك بين البلدين الشقيقين والمنطقة الخليجية على وجه العموم.
وأضفت العلاقات القوية التي جمعت الشيخ مبارك بأخيه الإمام عبدالرحمن الفيصل المتانة والقوة على العلاقات السعودية- الكويتية بعد توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الذي واصل نهج والده في تعزيز علاقات الأخوة مع الكويت، واستمرار وملوك المملكة العربية السعودية وأمراء الكويت على مر العصور على هذا النهج.
وفي عام 2018 في عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد – طيب الله ثراه- وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله – تم إنشاء مجلس التنسيق السعودي ـ الكويتي، تندرج تحت مظلته مجالات التعاون والعمل المشترك بين البلدين بهدف ترجمة العلاقات الوطيدة والوصول بها إلى التكامل، إذ يعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكامل للاستغلال الأمثل للموارد الحالية وبناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها الدولتان.
ومنذ عام تقريباً انطلق منتدى استثمر في السعودية على أرض الكويت الشقيق، الذي جاء في إطار تنمية العلاقات الاقتصادية وتعزيز الاستثمارات المتبادلة بين الدولتين الشقيقتين، حيث توجد علاقات استثمارية كبيرة بين البلدين، وقد سلط المنتدى الضوء على العديد من الشراكات الاستثمارية بين البلدين في القطاعات المختلفةـ وقدم عروضاً وجلسات حوارية تطرقت إلى الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي أطلقها سمو ولي العهد، وتعد من أهم الخطوات في المملكة لدعم وتنمية وجذب الاستثمارات، حيث تستهدف حجم استثمارات نحو 12.4 تريليون ريال بحلول 2030.
لقد كان المنتدى بمثابة النافذة المعلوماتية التي تقدم بصورة واضحة الإجراءات التي قامت بها المملكة لتنمية الاستثمارات، منها مشاريع صندوق الاستثمارات العامة العملاقة مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية والمشاريع التنموية الكبرى، واستعراض مبادرات التنمية المناطقية وتطوير كل منطقة والمزايا التنافسية لها، وعرض بعض برامج تحقيق الرؤية.
إن هذا التوجه يعكس حجم العلاقة بين الجارتين الكبيرتين، فقد سجل حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية والكويت ارتفاعاً خلال النصف الاول من 2023 بنحو 0.1% ليبلغ 5.429 مليار ريال (1.45 مليار دولار) مقابل 5.424 فى نفس الفترة من 2022 ، كما شهدت تجارة المملكة مع الكويت فائضاً بقيمة 3.81 مليار ريال (1.02 مليار دولار) في النصف الأول من 2023 بزيادة 99.5% على أساس سنوي، فيما ارتفعت صادرات المملكة إلى الكويت بواقع 25.9 % لتبلغ 4.62 مليار ريال (1.23 مليار دولار) فى النصف الاول من 2023 مقابل 3.66 مليار ريال فى النصف الاول من 2022 فيما تراجعت واردات المملكة من الكويت بنحو 53.9% لتبلغ 809.2 مليون ريال مقابل 1.75 مليار ريال فى النصف الاول من 2022، فيما سجل حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي انخفاضاً في النصف الأول من عام 2023 بنسبة 8% على أساس سنوي.