“السياحة العلاجية” أهم روافد الاقتصاد سريع النمو
تعد “السياحة العلاجية” من أهم أنواع السياحة في العالم، والأسرع نمواً وتأثيراً في اقتصادات دول كبرى، إذ بلغ حجم سوق السياحة العلاجية العالمي 104.68 مليارات دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 273.72 مليار دولار بحلول عام 2027، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب قدره 12.8%.
المملكة وجهاً لوجه
وإذا كانت تايلاند تروّج لمنتجها السياحي العلاجي المتعلق بالتجميل وجراحاته، أو سنغافورة تبرز تفوقها في مجال الخلايا الجذعية، منافسة الصين، فإن “بلادنا” المملكة لديها ما تفخر به، حال تسجيله في الأجندة السياحية عند الترويج للمملكة كمقصد للسياحة العلاجية خاصة، حيث تتوافر فيها المقومات الطبيعية والمؤهلات والإمكانات الصحية عالية الجودة، إلى جانب المراكز الصحية والمستشفيات المجهزة، التي تضم أحدث التجهيزات والمعدات الموجودة بأيدي خبراء وكفاءات مدربة، فقد أصبحت السياحة العلاجية ظاهرة ملفتة للنظر، حيث يسعى الناس إلى الحصول على الرعاية الصحية عالية الجودة، في مقاصد سياحية جميلة، كما عملت المملكة على دعم السياحة العلاجية ووضع البرامج اللازمة لها، وأن تكون رائدة في مجالات الرعاية الصحية والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني، إضافة إلى التقدم الطبي والتقني بمستشفيات المملكة، وكذلك الكفاءات الطبية، ويرجع الاهتمام العلمي بها لكونها من أهم روافد الاقتصاد، التي تساهم في تعزيز القطاع السياحي في المملكة وتطوير اقتصادها، وبحسب دراسات اقتصادية تتوقع أن ينمو سوق السياحة العلاجية في المملكة بمعدل نمو سنوي يبلغ %4.6 خلال الفترة 2022م-2028م.
اعترف لا جلد للذات
يجب أن نعترف أن “السياحة العلاجية” لم يتم الترويج لها محلياً بالشكل الأمثل، ليتم استقطاب المواطنين أولاً، قبل سفرهم لبلدان عربية أو أجنبية لتلقي العلاج، ويعلم جميعنا أن لجوء المواطنين للسفر خارجياً نابع من ارتفاع التكاليف في الداخل، والتفاوت في تكاليف الرعاية الصحية، وأوقات الانتظار الطويلة لإجراءات معينة، وتوافر التقنيات الطبية المتقدمة، والبحث عن علاجات متخصصة غير متوفرة في أوطانهم، لذا وجدنا دولاً مثل الهند وتايلاند والمكسيك وغيرها تقدم خدمات علاجية بأسعار منافسة، فيجب وضع هذه النقطة في الحسبان.
تعريف السياحة العلاجية
يعرّف المختصون السياحة العلاجية بأنها السفر لفترة من الزمن بغرض تلقي العلاج الطبي أو العلاج الطبيعي أو لاستشارة بعض الأطباء أو لإجراء بعض الفحوص الطبية، وتكون الوجهة إلى أحد البلدان المتميزة في هذا المجال، والسبب في ذلك تدني مستوى الخدمات الطبية في بلادهم، ولكون بعض الخدمات الطبية أو الأجهزة التشخيصية غير متوفرة لديهم، أو الوصول إلى أفضل الكفاءات في مجالات طبية معينة.
السائح المحلي أولاً
وتحتل المملكة مكانة متفردة في منطقة الشرق الأوسط على صعيد السياحة العلاجية، وتضم في أرجائها أهم المدن العلاجية والمستشفيات التي تقدم كافة الخدمات الطبية وبمستوى متميز، فقد وضعت المملكة خطة وفق رؤية 2030 للنهوض بقوة في مجال الاستشفاء والسياحة العلاجية، مستهدفة المواطنين بتقديم أرقى الخدمات العلاجية لهم، مع تقديم حوافز جاذبة للسياحة العالمية.
ولأن السياحة ترتبط بكل الأنشطة الاقتصادية، فقد التفتت المملكة إلى منظومة الخدمات، وأعطتها اهتماماً كبيراً، فأي زائر للعلاج سيحتاج فنادق وإلى ارتياد وأسواق، والتعرف على معالم المملكة الثقافية والتراثية والحضارية أيضاً، خلال فترة الاستشفاء، إضافة لكوادر يتقنون اللغات الأجنبية، إلى جانب تطوير القطاع الطبي بالكامل وتأهيل كوادره، واستقدام الخبرات الطبية العربية والأجنبية من التخصصات كافة، والأهم من ذلك وجود مدن طبية متكاملة، ولها سمعة عالمية في تخصصات عديدة، منها أمراض الكلى والجهاز البولي، والأورام والأمراض السرطانية، ومجال الأعصاب..
الريادة الطبية السعودية
وتؤكد الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أن المملكة تمتلك نخبة من الكفاءات في المجال الطبي، ومراكز تدريب وتخصصات دقيقة غير ليس لها وجود في محيطنا الإقليمي على الأقل، إضافة لريادتها في عمليات فصل التوائم السيامية في مستشفى الحرس الوطني، أو عمليات علاج عيوب القلب الخِلقية للأطفال، كما أنّ بعض الأدوية في المملكة لا تتواجد في منطقة الشرق الأوسط، حيث أعلن مستشفى الملك فيصل التخصصي عن قدرته على إنتاج الخلايا التائية لعلاج السرطان، ليصبح أول مستشفى في الشرق الأوسط قادر على التعامل مع هذه التقنية العلاجية؛ كما تشمل المرافق الصحية وحدات رعاية حديثة لعلاج الحروق، والعمليات الجراحية، والتنظير، إضافة لامتلاكها الإمكانيات لإعادة التأهيل العصبي لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال دمج العلاج المهني مع العلاج الطبيعي، وامتلاك الإمكانيات اللازمة لإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عصبية بسبب السكتة الدماغية والشلل الدماغي؛ لذلك ستصبح المملكة وجهة مهمة في السياحة العلاجية على مستوى العالم فقط بالترويج الجيد لتلك الإمكانات الكبيرة.
إنّ السياحة العلاجية من أهم روافد الاقتصاد، والمملكة بدأت الاستثمار فيه؛ ليكون أحد مصادر الدخل المحلي.