برنامج الاستدامة المالية.. داعم رئيس لتعزيز موقف المملكة في التعامل مع الصدمات الخارجية
شكل إطلاق برنامج الاستدامة المالية (برنامج تحقيق التوازن المالي سابقاً) في يونيو 2017م نقطة تحوّل رئيسة لتمكين عملية التخطيط المالي على المدى المتوسط بهدف استدامة واستقرار وضع المالية العامة مع المحافظة على معدلات النمو الاقتصادي، وذلك من خلال: تنويع مصادر إيرادات الدولة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتحفيز القطاع الخاص، وتوجيه الدعم للمستحقين من المواطنين.
وبناءً على مراجعة البرنامج؛ تم العمل على إعادة هيكلته ليكون مستداماً وداعماً للنمو الاقتصادي عن طريق التخطيط المالي على المدى المتوسط وتطبيق سياسات مالية، وإعادة توجيه الإنفاق ليكون بعيدًا عن مسايرة التطورات في أسعار النفط الفعلية، ومعززاً لزيادة القدرة على التعامل مع الأزمات، ومركزاً على الاستثمار الذي يحقق النمو المستدام الذي يتسم بالقوة والمستقل عن أسواق النفط.
ومنذ إطلاقه، أسهم البرنامج في السيطرة على نسب العجز من الناتج المحلي الإجمالي من 15.8% في عام 2015 إلى 4.5% في 2019م؛ مما أدى إلى تقوية الموقف المالي للمملكة، وتعزيز مركزها المالي للتعامل مع الصدمات الخارجية، وذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي شهدها العالم عام 2020م بسبب تفشي جائحة كورونا.
وأدى تنفيذ البرنامج إلى رفع مستوى التخطيط المالي وجودة تنفيذ الميزانية؛ حيث انخفض متوسط التباين السنوي للأداء الفعلي لإجمالي النفقات عن تقديراتها في الميزانية من متوسط 16% خلال الفترة من 2014م إلى 2016م إلى متوسط 4% خلال الفترة من 2017م إلى 2019م.
كما نجح البرنامج في تطوير نظام ضريبي يتسم بالكفاءة والفاعلية كونه يستهدف تنويع وتنمية الإيرادات بشكل هيكلي ومستمر كمصدر رئيس ومستدام، وتحديداً للإيرادات غير النفطية؛ حيث ساعد النمو الملحوظ في الإيرادات غير النفطية على تقليل المخاطر المالية المرتبطة بتقلبات أسواق النفط العالمي.
ومن الإنجازات التي حققها البرنامج في هذا الإطار أتمتة وتطوير الإجراءات والأنظمة، وارتفاع عدد الإقرارات الزكوية والضريبية في الهيئة العامة للزكاة إلى أكثر من 1.9 مليون إقرار في العام ذاته، وبنسبة ارتفاع أكثر من 700%، وكذلك ارتفاع نسبة الالتزام بتقديم الإقرارات الزكوية والضريبية إلى 95% في عام 2020م، وإطلاق بوابة وتطبيق (زكاتي) المخصصة لزكاة الأفراد؛ حيث بلغ عدد المشتركين أكثر من 60 ألفاً، وتم استلام أكثر من 156 مليون زكاة مدفوعة حتى 2020م.
وأسهم البرنامج أيضاً في إصلاح بعض التشوهات الاقتصادية وحفز على الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، وعلى سبيل المثال تم الربط التدريجي لأسعار الطاقة حتى الوصول للسعر المرجعي، وتعزيز فرص العمل أمام المواطنين من خلال تطبيق المقابل المالي على العمالة الوافدة.
ومن خلال المركز الوطني لإدارة الدين؛ توالت إنجازات البرنامج حيث بلغت الزيادة في حجم التداول بالسوق الثانوية المحلية أكثر من 70 مليار ريال من الصفقات في عام 2020م، مقارنةً بـ10 مليارات ريال في عام 2019م، أو زيادة قدرها 600? على أساس سنوي. كما شهد عام 2020م زيادة قاعدة المستثمرين الدوليين بنسبة 12.4?، وتم إصدار أول سندات دولية بعائد سلبي خارج الاتحاد الأوروبي في عام 2021م وثاني أكبر سندات خارج الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي يواصل فيه البرنامج إجراء الكثير من الإصلاحات الاقتصادية، فإنه يراعي الأعباء المترتبة على المواطنين بإعادة توجيه الدعم للمستحقين من خلال حساب المواطن، كما يقدم حزم الدعم والتحفيز للقطاع الخاص للتخفيف من الآثار المترتبة عن هذه الإصلاحات.
ويتبنى البرنامج مجموعة من المبادرات التي تسهم في زيادة مستوى الشفافية ورفع كفاءة إدارة المالية العامة، وتشمل: تطوير إطار وإدارة السياسات المالية الكلية، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وإطلاق منصة اعتماد لتعزيز المنافسة والرقابة وقياس الأداء، حيث تقدَّم تصنيف المملكة بـ18 مرتبة ضمن مؤشر شفافية الميزانية في عام 2019 مقارنة بنقطة واحدة في المسح السابق الصادر في عام 2017م.
وتشهد المملكة منذ الإعلان عن (رؤية المملكة 2030) في أبريل 2016 م حراكاً اقتصادياً واجتماعياً وهيكلياً شاملًا لتهيئة البيئة اللازمة لتحقيقها، وتم اعتماد 13 برنامجاً لتحقيق الرؤية، منها برنامج تحقيق التوازن المالي (برنامج الاستدامة المالية حالياً) الذي يضع إطاراً مالياً واقتصادياً شاملًا على المدى المتوسط بهدف تحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة المالية، من خلال مواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والتدابير المالية على جانبي الإيرادات والنفقات، والاستمرار في تنفيذ مبادرات البرنامج.
وتشير التقديرات الأولية لعام 2021 إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.2% مدفوعاً بافتراض استمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية خلال العام، حيث ستواصل الحكومة جهودها لتعزيز دور القطاع الخاص؛ ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي ودعم نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بالتزامن مع مواصلة الحكومة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد من خلال برامج (رؤية المملكة 2030) وتحسين بيئة الأعمال وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمار المحلي والأجنبي، إضافة إلى الدور الإيجابي المتوقع لإنفاق الصناديق التنموية وتنفيذ المشاريع الكبرى وبرامج التخصيص وبقية برامج تحقيق الرؤية.