البيئة والتقنيةالطبيعة

وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تعلن أنها وضعت سيارة على سطح القمر قبل 50 عاماً

لم يكن ديفيد سكوت ينوي المرور بجانب صخرة على سطح القمر دون أن يتوقف ليدقق فيها. كان ذلك في 31 يوليو (تموز) 1971، وكان هو وزميله رائد فضاء «أبولو 15» جيمس إروين، أول من قادوا مركبة على سطح القمر. بعد رحلة قصيرة افتتاحية استغرقت ست ساعات في العربة الجوالة القمرية الجديدة، كان الاثنان عائدين إلى مركبة الهبوط «فالكون» عندما توقف سكوت عند حفرة مفاجئة.غرب فوهة بركان تسمى «ريسلينج»، اندفع سكوت خارج العربة الجوالة والتقط بسرعة صخرة حمم سوداء مليئة بالثقوب التي شكلها تسرب الغاز. كان سكوت وإيروين قد تدربا على الجيولوجيا وعرفا أن العينة، وهي صخرة حويصلية، ستكون ذات قيمة للعلماء على الأرض. كانا يعلمان أيضاً أنهما إذا طلبا الإذن بالتوقف والحصول عليها، فإن مديري المهام الذين يراقبون على مدار الساعة سيقولون لا. لذلك؛ اختلق سكوت قصة مفادها أنهما أوقفا العربة الجوالة لأنه كان يتململ من حزام مقعده. تم استكشاف العينة عندما عاد رائدا الفضاء إلى الأرض، وأصبحت «صخرة حزام الأمان» واحدة من أكثر الاكتشافات الجيولوجية قيمة لمركبة «أبولو 15».

شأنها شأن العديد من العينات القمرية التي عادت إلى الأرض في مهمات «أبولو» النهائية، لم يكن من الممكن جمع «صخرة حزام الأمان» إذا لم يكن رائدا الفضاء قد أحضرا سيارتهما. «أبولو 11» و«أبولو 13» هي مهمات «ناسا» القمرية التي تتذكرها بوضوح. ولكن في الذكرى الخمسين لـ«أبولو 15»، التي انطلقت في 26 يوليو 1971، أعطى بعض المتحمسين والمؤرخين والمؤلفين للفضاء المركبة القمرية حق قدرها كواحدة من أكثر الرموز ديمومة لبرنامج استكشاف القمر الأميركي. وصفوها بأنها قابلة للطي، ومتينة، وتعمل بالبطارية وصُنعت من قبل «بوينج» و«جنرال موتورز»، وينظر البعض إلى المركبة على أنها قامت بالمهمات الثلاث الأخيرة في تتويج حقبة «أبولو».ووفقاً لإيرل سويفت، مؤلف كتاب «في الفضاء العديم الهواء: المركبة وانتصار الهبوط على سطح القمر»، قال المؤلف «إننا نرى وكالة (ناسا) تأخذ كل ذلك العلم الذي جمعته من رحلات الفضاء طوال عقد كامل وتطبقه. إنه أحد أكثر العلوم تعقيداً».

وأفاد تيسيل موير هارموني، أمين مجموعات «أبولو» في المتحف الوطني للطيران والفضاء التابع لمعهد «سميثسونيان»، إن وفاء خطوة نيل أرمسترونج الصغيرة بالأهداف الجيوسياسية لمشروع أبولو أكد حرص وكالة «ناسا» على العلم. وعندما التقط أول السائرون على القمر عينات بالقرب من موقع هبوطهم، زاد طموح العلماء في رحلة واعدة بصخور نادرة.الجدير بالذكر، أن الضوء الأخضر لاستخدام المركبة الجوالة لم يعطى سوى قبل شهرين فقط من هبوط أرمسترونج، وباز ألدرين على سطح القمر.وعلى الرغم من تخيل عربات القمر لسنوات، فإن قيادة المركبة على القمر بدا أكثر تعقيداً مما هي عليه. فطوال ستينات القرن الماضي، درس المهندسون مجموعة متنوعة من المفاهيم: المركبات المجنزرة التي تشبه الدبابات، والسيارات الطائرة.وذكر موير هارموني، أنه «كانت هناك أفكار غريبة أخرى، مثل عصا البوجو، أو دراجة نارية، وأشياء يسعدني أنها لم تنفذ؛ لأن المركبة القمرية في شكلها الأخير بدت أكثر عملية».كانت المركبة القمرية أيضاً أميركية بشكل جوهري، حيث أفاد موير هارموني بأن الهيكل المكشوف للمركبة والهوائي الذي يشبه المظلة والعجلات السلكية يعني أنها لا تبدو كأي سيارة على وجه الأرض، ومع ذلك فإن ارتباطها بصناعة السيارات الأميركية وشغف الأمة الأميركية بالسيارات جذبت انتباه الجمهور مثل أي شيء منذ «أبولو 11».

وقد بدءا من مشروع «ميركوري» في الستينات، وسمح تاجر سيارات في فلوريدا لرواد الفضاء باستئجار سيارات شيفروليه مقابل دولار واحد، والتي تم بيعها لاحقاً للجمهور. اختار طاقم «أبولو 15» سيارات طراز «كارفيتز» حمراء وبيضاء وزرقاء. وقال موير هارموني إن إحدى الصور التي نشرت في مجلة «لايف» أظهرت رواد الفضاء وهم يتباهون بسياراتهم الأميركية الشهيرة إلى جانب مركبة القمر، وقد بدت المركبة رائعة بالفعل.

خلال اليوم الثاني من مهمتهم، توجه إيروين وسكوت إلى فوهة بركان تسمى سبير، حيث عثروا على صخرة بلورية بيضاء كبيرة، وهي نوع من المعادن في قوائم رغبات الجيولوجيين لأنها قد توفر أدلة حول أصول القمر.

بالكاد استطاع رواد الفضاء احتواء فرحتهم حيث صاح سكوت قائلاً «أوه، يا فتى! انظر إلى اللمعان! خمن ماذا وجدنا للتو؟»، وعلق إيروين ضاحكاً «أرسل الصخرة إلى الأرض. أعتقد أننا وجدنا ما جئنا من أجله».

سميت الصخرة البيضاء فيما بعد بـGenesis Rock لأن العلماء اعتقدوا في البداية، أنها ترجع إلى تكوين القمر. وقال موير هارموني، إن حماس رواد الفضاء ومركبتهم تبعها عودة بعثات أبولو إلى الأرض بعد أن «توصلت إلى اكتشاف حتى عندما أصبح استكشاف ومتابعة سطح القمر أمراً معقداً».

بمجرد وصول العربة الجوالة وفتحها رواد الفضاء على القمر، كانت تجربة القيادة أيضا غريبة بشكل غير متوقع. قارنها رواد الفضاء بوسائل النقل الأرضية الأخرى: قال إروين، إن السيارة ارتفعت وسقطت، وقال سكوت، إنها انحرفت مثل قارب سريع عندما حاول الانعطاف بسرعة فائقة تبلغ 6 أميال في الساعة.كانت خطط مديرو المهمة للمركبة أن تسير فقط بقدر ما يستطيع رواد الفضاء، وفي حالة حدوث أي شيء، يمكنهم إعادتها إلى مركبتهم الفضائية. لكن أطقم أبولو غطت مسافات أكبر مع كل مهمة مع تزايد ثقة وكالة «ناسا» بها. وعندما غادر رواد الفضاء القمر، تُركت المركبات الجوالة في مواقع الهبوط، حيث بقيت، تجمع الغبار والأشعة الكونية. وتلتقط المركبات الفضائية التي تدور حول القمر صوراً من حين لآخر، وفي بعض الصور، تظهر مسارات المسبار.وجدت باربرا كوهين، عالمة الكواكب في «مركز جودارد لرحلات الفضاء» التابع لـ«ناسا» في جرينبيلت بولاية ماريلاند، والتي تدرس العينات، أن رواد الفضاء وجدوا صخوراً أكثر إثارة للاهتمام، مما مكّن العلماء من طرح أنواع مختلفة من الأسئلة. وأضافت، أن العربة الجوالة سمحت لرواد الفضاء بالتركيز على العلوم أكثر من القلق بشأن نفاد الأكسجين أو الموارد الاستهلاكية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى