اكتشاف منشأ الكويكبات القريبة من الأرض المخبأة في الحطام المسبب لزخات شهب Taurid
كشفت دراسة جديدة أن سربا مكونا من 88 كويكبا قريبا من الأرض مختبئا في الحطام المسبب لزخات شهب Taurid، ناتج عن تفكك مذنب واحد قبل 20 ألف عام فقط.
وسمحت دراسة الأجسام المختلفة داخل “مجمع Taurid” لعلماء الفلك من جامعة أنتيوكيا في ميديلين، كولومبيا، بفهم أصلها بشكل أدق.
ورصدت الكويكبات الأكبر حجما منذ الثمانينيات، ما دفع علماء الفلك ويليام نابير وفيكتور كلوب، إلى اقتراح أنها تتشارك “أحد الوالدين” مع مذنب إنكي، وهو مذنب دوري يكمل مدارا حول الشمس مرة كل ثلاث سنوات.
ويبلغ عرض بعض هذه الكويكبات أكثر من ميل واحد، ما يجعلها أكبر من أن يتم إنتاجها من مذنب إنكي نفسه، وفقا للمؤلفين المشاركين في الدراسة، إجناسيو فيرين وفينسينزو أوروفينو.
وراجع العلماء، خلال الدراسة الجديدة، عشرات الأبحاث المنشورة منذ الثمانينيات، وفحصوا قياس الضوء المنعكس من الصخور الفضائية الأكبر.
وسمح لهم ذلك بتقديم “دليل إضافي” على أن مذنب إنكي، والكويكبات الأكبر حجما، جاءت جميعها من تحطم كرة جليدية يبلغ عرضها 62 ميلا قبل 20 ألف عام.
ويقول الفريق إن الكويكبات الموجودة في الجدول يمكن أن تشكل تهديدا للأرض، وأن الأجسام الأخرى التي جاءت من المذنب القديم ربما ضربت الكوكب في الماضي.
وتمر الأرض عبر جزء من التيار كل عام، وتظهر كنجوم في السماء في شهر أكتوبر من كل عام في نصف الكرة الجنوبي، ونوفمبر في الشمال.
ورصد العلماء مذنب إنكي لأول مرة في عام 1786، ومثل المذنبات الأخرى التي دخلت النظام الشمسي الداخلي، فقد ترك تيارا من الحطام في أعقابه عندما اقترب من الشمس.
ويقول العلماء إن وجود مثل هذا المجمع الكبير والمكتظ، والذي لا يمكن التنبؤ به، من الصخور والحطام والغبار الذي يقترب بانتظام من الأرض جعله موضوع الكثير من الدراسات الأكاديمية على مدار العقود القليلة الماضية، حيث ركز البعض على الكويكبات الأكبر.
وربط الخبراء سابقا تأثيرات Taurid بموت ثقافات ما قبل التاريخ، وتبريد المناخ العالمي خلال فترة جليدية، تُعرف باسم Younger Dryas.
ويُعتقد أيضا أن حدث تونغوسكا، الذي شهد انفجار كويكب صغير على ارتفاع خمسة أميال فوق جزء مأهول من روسيا في عام 1908، كان مرتبطا بتيار Taurid، حيث حدث ذلك عندما كان مذنب إنكي على مسافة قريبة من الأرض.
وأشار الفريق المسؤول عن هذه الدراسة إلى أن نيزك تشيليابينسك، الذي أصاب أكثر من 1500 شخص عندما سقط في عام 2013، جاء أيضا على الأرجح من مجمع Taurid.
وفي عام 2005، اكتشف عالم الفلك في ناسا، روب سوغز، وميضا قصيرا من الضوء من حدث اصطدام قمري أثناء اختبار تلسكوب جديد بحجم 250 مم وكاميرا فيديو، وأكد لاحقا أنه جزء من وابل زخات شهب Taurid.
وأعاد الفريق الكولومبي، مع علماء الفلك من جامعة سالينتو في إيطاليا، تحليل عشرات الأبحاث المنشورة عن التأثيرات، ما أتاح لهم تأكيد أن المجمع يتكون مما يصل إلى 88 جسما أكبر.
ثم استخدموا تقنية تسمى تحليل منحنيات الضوء، ووجدوا تغيرات في سطوع كل عضو في المجمع، كما وجدوا أن 67% منهم لديهم دليل على “نشاط مذنب”.
وأشار الفريق إلى أن وجود كويكبات في مدارات تشبه تلك الموجودة في المذنب إنكي يشير إما إلى بعض العمليات الديناميكية غير المعروفة، أو أنها أجزاء منزوعة الغاز من مذنب سلف (النسب السلالي أو السلف الأصلي).
وقد يكون السلف عبارة عن “كومة أنقاض” مكونة من كتل أولية (عناصر بدائية) أو صخرية أو كربونية، متماسكة معا بواسطة مصفوفة جليدية ضخمة في لبها وتخرج من خلال قطع الأنقاض.
ويبدو أن تجزئة هذه الكومة، ربما بسبب قوى المد والجزر من الشمس أو جسم آخر، كان من الممكن أن يؤدي إلى أنواع متعددة من الأجسام الصغيرة.
ويعد أولغاتو، أحد الكويكبات الموجودة في المجمع، مثالا على كومة الأنقاض، التي تجمعت معا بواسطة مصفوفة جليدية لا تزال كافية لإنتاج نشاط مذنب، ولكنها أصغر بكثير من “الوالدين”.
وتميل نيازك Taurid إلى أن تكون أكبر من النيازك العادية، ما يعني أنها ساطعة وتتغلغل بشكل أعمق في الغلاف الجوي للأرض، وكثير منها عبارة عن كرات نارية.
وفي حين أن هذه عادة ما تكون ظاهرة غير ضارة، فإن اكتشاف كويكبات أكبر داخل “فرع خطير” واحد من التيار يمكن أن يشكل خطرا حقيقيا.