“من الأرض”.. معرض فني يروي ارتباط الفنان السعودي بتراثه الطبيعي
تجذب الأعمال الفنية المتنوعة زوار فعاليات معرض “من الأرض”، التي تتصل بالتراث الطبيعي لأرض المملكة، وتحاكي تجربة الفنان السعودي مع تراثه وثقافته المحلية بمختلف مكوناتها المادية والمعنوية، وتعكس انتماءه إلى بيئته وحفاظه على قيمه الثابتة والعريقة، بأسلوب حديث تحكمه تضاريس المكان والزمان، والعادات والتقاليد.
ويهدف المعرض الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء”، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، ويستمر حتى 26 من شهر سبتمبر المقبل، إلى دعم الفنانين السعوديين، وتعزيز الهوية الوطنية من مختلف جوانب الأعمال الفنية التي تظهر الحس الفني للمشارك وقدرته على تجسيد الحب للأرض، من خلال أعمال فنية خالدة، وإبراز وتحفيز المواهب الوطنية في مجال الفن التشكيلي نحو المزيد من الإبداع.
ويقدم “من الأرض” رؤية واسعة لـ 32 فنانًا سعوديًا، وتجارب لفنانين ملموسة وغير ملموسة وتفاعلاتهم مع البيئة من خلال أعمال فنية وأصيلة؛ مسلطًا الضوء على علاقة الفنان السعودي بالتراث الطبيعي، وانطباع هذه المشاهد على تعبير الفنان، مما يتيح له المشاركة بأعمال فنية تعكس ارتباطه بهذه الأرض المعطاء.
وتتنوع محتويات التجربة داخل المعرض من خلال الوسائل الفنية والمشاعر المتنوعة ومصادر الإلهام الفردية خلف كل عمل فني، مع وجود تجربة جماعية لفنانين ناشئين ومحترفين، تعكس شعورهم تجاه محيطهم والتراث الطبيعي للمملكة، وهي رحلة مليئة بالمشاعر المختلفة كالحب والمودة والحزن والفخر والشوق والانتماء، واكتشاف القصص الفردية لكل فنان وكيف عبّر عن موضوع “من الأرض” من خلال عمله.
وتحدث بعض الفنانين المشاركين في المعرض عن أعمالهم، فقال الفنان معاذ الحازمي، إن عمله التركيبي “صوت الأرض” يتناول البصمات الصوتية الخاصة بالأشياء، كتضاريس المملكة من خلال تسجيل أصواتها في أوقات مختلفة تعكس طبيعة المكان، تجعل من محتواها عناوين صوتية لخمسة تضاريس مختارة من هذه الأرض الشاسعة، والعمل عبارة عن مجموعة صفائح الألومنيوم، موضح على كل منها اسم المنطقة و”QR CODE” تمكن الزائر من الاستماع لأصوات المنطقة.
بدوره أوضح الفنان عبيد الصافي أن عمله “الخلوج” عبارة عن فيديو يحكي صوت حزن الناقة في حالة فقدها ابنها الخلوج، حيث عمل على تحويل ذلك إلى صوت رقمي، ثم إلى مقطوعة موسيقية حالمة، مستعيناً بأكثر من خوارزمية لترجمة الصوت وتجسيده إلى مجسم، بواسطة أدوات العصر الرقمي.
فيما يجسد العمل التركيبي للأخصائي النفسي الفنان عبدالكريم قاسم، الموروث الزراعي لأهل عسير، “الدبّاء”، عبر سرد إحدى القصص الشعبية لأهل المنطقة التي تركز على ممارسات علم الفلك الزراعي ومواقع النجوم على الأوقات الصالحة للزراعة والحصاد، وعلاقة المجتمع بهذا الموروث.
بينما تركز الصورة الفوتوغرافية “المشموم” للمصور محمد الجبران على نبات المشموم أو “الريحان” زكي الرائحة ذي الاستخدامات العديدة في أفراح وأحزان أهل الأحساء، لأنه نبات غني بالدلالات الثقافية والروحية.
من جانبها أخذت الفنانة لمى العجلان شكلاً مختلفاً يميل للعاطفة أكثر، من خلال تصوير العلاقة بين الأرض والطبيعة في عملها الفني المسمى “أول مرة”، حيث
شبهت الأرض بالأم الحنون التي توثّق الذكريات الأولى لطفلها، ترجمت تلك العلاقة من خلال 70 لوحة قماشية رُسمت عليها رسومات حديثة بأسلوب الرسم الصخري الموجود في جنوب غرب المملكة.
يشار إلى أن المعرض صُمم ليكون مفتوحًا وسلسًا لمنح الزائر فرصة استكشاف التنوع الموجود من حوله عن طريق الألوان المستوحاة من العناصر الموجودة في محيطنا، إضافة إلى انعكاس التراث الطبيعي على الأعمال الفنية من خلال التفاصيل التي صقلت الهوية السعودية والانتماء الوطني، عبر سبعة مسارات هي: الوسائط المتعددة واللوحات التشكيلية والأعمال التركيبية والمنحوتات والأعمال المتسلسلة والتصوير الفوتوغرافي والخط العربي.