الأخبار والأحداثالمحلية

خطيب المسجد النبوي: آمنوا بالقضاء والقدر ولا تجزعوا

خطب وأم المصلين في المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف.

وبعد أن حمد الله تعالى بدأ خطبته قائلًا: الإيمان عليه مدار السعادة والرضا والفوز والأمن والأمل، في العاجل والمستقبل؛ وحقيقته: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان؛ وله أركان وأصول، وهي الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره» متفق عليه.

وأضاف فضيلته: الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، وأصل من أصول عقيدة الإسلام، فلا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)،

وقال: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا).

ولا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يخرج عن إرادته وقضائه وقدرته شيء مهما يكن، (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).

فلا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا تبديل لخلقه، ولا حول ولا قوة إلا به.

وبيّن: لا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمنُ عبدٌ حتى يؤمنَ بالقدَرِ خيرِه و شرِّه ، حتى يعلمَ أنَّ ما أصابه لم يَكن لِيخطِئَه ، و أنَّ ما اخطأه لم يكن لِيُصيبَه).

وأوضح فضيلته: إن الله تعالى كتب مقادير الخلق قبل أن يخلقهم، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض).

وأكمل: إن من الإيمان بالقضاء والقدر العلم بأن حلو القضاء ومره وخيره وشره غير خارج عن إرادة الله وقدرته ومشيئته، فحلو القضاء وخيره قدر من الله، فهو من كرم الله وفضله ونعمته ومنته، ومر القضاء وشره قدر من مقدور الله يصيب به من يشاء من عباده، لكن الطاعة سبب للخير، والمعاصي سبب للشر، والجزاء من جنس العمل، وكل طاعة فبتوفيق من الله، وكل معصية فبخذلان منه، والسعيد من سبقت له السعادة، والشقي من سبقت له الشقاوة.

وأضاف: إن من الإيمان بالقضاء والقدر الصبر والرضا وعدم التسخط والجزع، ومن نظر بنور الله وببصيرة المؤمن تلمس جوانب الخيرية في كل ما يصيبه، قال

تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)؛ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ).

ألا وإن العوض الذي وعد الله به الصابرين لكفيل بأن يسدل الستار على آلام وآثار المصائب، فالبشرى للصابرين على البلاء والنوائب.

واختتم فضيلته الخطبة بقوله: الإيمان بالقضاء والقدر يورث راحة البال، وطمأنينة النفس، قال صلى الله عليه وسلم: (وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل)؛

والإيمان بالقضاء والقدر يورث اليقين والتعلق بالله وصدق التوكل عليه والتوجه إليه، فكل شيء بقضاء وقدر مكتوب، عن ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال يا غلام، إني أعلمك كلمات: «احْفَظِ اللهَ يحفظْك، احفظ الله تَجِدْه تُجَاهَك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن بالله، واعلمْ أن الأمةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يَضرُّوك بشيء لم يَضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف». وفي رواية: «احفظ الله تَجِدْه أمامك، تَعرَّفْ إلى الله في الرَّخَاء يَعرِفْكَ في الشِّدة، واعلم أنَّ ما أخطأَكَ لم يَكُنْ ليُصِيبَكَ، وما أصَابَكَ لم يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، واعلم أن النصرَ مع الصبرِ، وأن الفرجَ مع الكَرْبِ، وأن مع العُسْرِ يُسْرًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى