الصحة والجمالتغذية وطب

#العلاج الجيني أمل جديد للأطفال المصابين بالصمم

يطلق عدد من الفرق الطبية في أنحاء عدة من العالم علاجات جينية رائدة للأطفال المصابين بالصمم الوراثي، ورغم كونها تتعلق في الوقت الراهن بعدد قليل جداً من المرضى، يمثّل اعتمادها تقدماً قد يكون ثورياً من شأنه أن “يغيّر قواعد اللعبة”.

وأحدث التطورات في هذا المجال أن صبيّاً في الحادية عشرة يعاني منذ ولادته “الصمم الشديد تمكّن بعد خضوعه لعلاج جيني جديد من أن يسمع “للمرة الأولى في حياته”، على ما أعلن مستشفى في مدينة فيلادلفيا الأميركية الثلاثاء.

وأوضح مدير الأبحاث السريرية في قسم طب الأنف والأذن والحنجرة في المستشفى جون جيرميلر أن العلاج الجيني الذي طُبِّقَ على المريض عصام دام “يهدف إلى تصحيح خلل جين نادر جداً”.

وبعد نحو أربعة أشهر، تحسّن سمع عصام إلى حد أنه بات يعاني فقط فقدان السمع الخفيف إلى المتوسط، لكنّ الصبيّ قد لا يتمكن من التحدث أبداً، لأن الجزء من الدماغ المخصص لاكتساب الكلام يتوقف عن العمل في سن الخامسة تقريباً.

وكشفت دراسة نُشرت يوم الخميس في مجلة “لانسيت” الطبية أن علاجاً مماثلاً أُجري في الصين لستة أطفال صمّ مكّن خمسة منهم من استعادة سمعهم، وأوضح المشارك في إعداد الدراسة والباحث في مستشفى “ماساتشوستس آي أند إير” في الولايات المتحدة تشنغ يي تشن أن “بعض هؤلاء الأطفال بات يستطيع إجراء محادثة عادية والتحدث بالهاتف”، ولم يكن لدى اثنين من هؤلاء الأطفال قبل العملية غرسات في الأذن، لذا لم يكن بإمكانهما السمع أو التحدث على الإطلاق. أما اليوم، فاستعادا سمعهما.

  • بين 21 و31 شهراً –

وأعلنت فرنسا في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها تبدأ قريباً تجربة سريرية لتقويم فاعلية دواء جديد مماثل يوفّر علاجاً جينياً.

وسيستهدف هذا العلاج الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 12 و31 شهراً يعانون كعصام والأطفال الذين شملتهم دراسة “لانسيت”، متحوّرات في جين “أوتوف” (OTOF) الذي لم يعد قادراً على إنتاج الأوتوفيرلين، وهو بروتين تحتاجه الخلايا الحسية في الأذن الداخلية لتحويل الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربائية ترسل إلى الدماغ.

وقالت المديرة العامة لشركة “سانسوريون” الفرنسية للتكنولوجيا الحيوية التي تعمل على تطوير هذا الدواء نوال أوزرن لوكالة فرانس برس إن “ميزة هذا العلاج تكمن في إعطائه للأطفال الصغار جداً، مما يساعدهم على اكتساب اللغة”.

ومن المفترض أن يتيح العلاج الذي سيتم حقنه مباشرة في الأذن الداخلية للأطفال تصحيح الخلل الجيني وبالتالي إعادة السمع إليهم، وتشكّل كل هذه التجارب تتويجاً لعقود من الأبحاث. وأفادت البروفيسورة كريستين بوتي من معهد باستور لوكالة فرانس برس إن التجربة الفرنسية التي تشارك فيها هذه المؤسسة مع جهات أخرى “تستند بالكامل إلى أبحاث أجريت في المعهد”.

ففي عام 1999، اكتشف فريقها هذا الجين الذي يؤدي إلى الصمم العميق أو الشديد لدى الأطفال الحديثي الولادة، قبل أن يوضح دور الأوتوفيرلين.

وفي عام 2018، أثبت الفريق بالتعاون مع باحثين أميركيين أن نقل نسخة طبيعية من هذا الجين إلى أذن فئران صماء تحمل متحوراً في الجين نفسه، يمكن أن يجعل سمعها شبه طبيعي. ولم يكن ينقص تالياً سوى تطبيق هذه التقنية على البشر.

وتوقعت أخصائية طب الأنف والأذن والحنجرة للأطفال وجراحة الرأس والرقبة في المستشفى المشارك في التجربة “نيكر-آننفان مالاد آب-أش ب” ناتالي لوندون أن “من شأن هذا العلاج تغيير قواعد اللعبة، وهو خطوة تكنولوجية ستحدث ثورة”. وأضافت أن الهدف يتمثل في “التمكّن من توفير هذا العلاج للأطفال بدلاً من زرع الغرسات التي لا تكون دائماً فاعلة”. إلاّ أن عدداً محدوداً جداً من المرضى سيفيدون منه في السنوات المقبلة.

فمع أن نحو طفل واحد من كل ألف يولد مصاباً بالصمم الوراثي، فإن المتحور الجيني الذي يركّز عليه هذا العلاج اليوم موجود لدى 3 في المئة فحسب من الحالات، أي نحو عشرة مرضى سنوياً في فرنسا، ورُصدت في الأعوام الثلاثين الأخيرة مئات الجينات الأخرى التي يؤثر وجودها على السمع. ويأمل الباحثون أن يفتح هذا العلاج الأول الباب أمام علاجات أخرى، وبالتعاون مع معهد باستور، تعمل “سانسوريون” على التوصل إلى دواء ثانٍ يستهدف جيناً تتسبب متحوراته بالأشكال الأكثر شيوعاً من الصمم عند الولادة.

الصمم أو فقد السمع هو عدم القدرة على السمع جزئيًا أو كليًا. قد يكون الصمم خلقيًا يولد به الشخص أو مكتسبًا في أي وقت بالعمر،  وقد يحدث في إحدى الأذنين أو كلتيهما،  لذلك عادة ما يعاني الصُّم من ضعف السمع أو انعدامه، لكن كثيرًا ما يؤثر فقد السمع المرتبط بالعمر على كلا الأذنين بسبب فقدان الخلايا الشعرية القوقعية، وقد يكون الصمم مؤقتًا أو دائمًا. عند الأطفال يمكن أن تؤثر مشاكل السمع على القدرة على تعلم اللغة المنطوقة، بينما في البالغين يمكن أن تخلق صعوبات في التفاعل الاجتماعي وفي العمل، وفي بعض الأشخاص -خاصةً كبار السن- يمكن أن يؤدي ضعف السمع إلى الشعور بالوحدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى