بالأمس كنت في مستشفى خاص لزيارة صديق لي مريض، وأثناء خروجي من المستشفى وجدت رجلاً من جنسية آسيوية في الإستقبال يطلب دم لاجراء عملية لقريب له، فقيل له أدفع قيمة الدم أو اجلب 10 متبرعين، فقال لموظف الإستقبال لا يوجد لدي مال لقيمة الدم، ولا أعرف متبرعين للتبرع..
ثم بدأ يستغيث وينادس المارة أمام بوابة الإستقبال “يا ناس يا أهل الخير أريد 10 متبرعين لفصيلة دم +O لإجراء عملية مستعجلة”، لكن للأسف الشديد رأيت الغالب من المارة لم يكثرث لموضوعة أو يبدي أي إهتمام بكلامه.
حينها تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)، فقمت مباشرة مستعيناً بالله بعمل شيء بسيط وهو ما بوسعي فعله وعمله لمساعدة المريض، ثم كتبت رسالة استغاثة عبر الواتس وأرسلتها ل 50 إلى شخص من بعض الأخوة المتواصلين معي، كتبت فيها: “عاجل جداً.. إن كانت فصيلة دمك +O أريدك أن تتبرع بدمك لشخص يهمني أمره كثيراً..
الرد سريعاً أن كنت تريد الخير لنفسك وكسب الأجر من الله عزوجل”، بفضل من الله تعالى ماهي إلا دقائق مضت واشتغل تلفوني بالاتصال ورسائل الواتس اب بالرد والموافقة ل 20 شخص من 50 رسالة فقط، ولم أدفع فيها ريالاً واحداً.
وبعد أقل من ساعة تقريباً جاء المتبرع الأول وتلاه الثاني والثالث والرابع حتى وصل العدد إلى 20 متبرعاً في أقل من 5 ساعات، كلهم يتنافسون في فعل الخير، بصدق رأيت الذهول في وجه المريض الآسوي وصديقه من جمال الموقف، حتى خرجت من عين صديق المريض الدمع فرحاً ومستبشراً وداعياً للمتبرعين، ثم التفت إلي قائلاً ” يا صديق أنت في نفر كويس”..
يالله لم أفعل شيئاً سوى إرسال رسالة واتس لكن كانت لها الأثر البالغ في نفس المريض وصديقه، فحين تفعل الخير أنت بذلك تزرع السعادة في قلب إنسان محتاج، وسيأتي يوم من يزرعها في قلبك عند حاجتك، فالدنيا أخذ وعطاء وكما تقدم لها تقدم لك، وكما تدين تدان، وما تزرعه اليوم تحصده غداً.
كثير من الناس لا يتمنى من غيره سوى أن يقابله بوجه طلق تعلوها ابتسامة تشرح صدره وتكشف عنه الضيق والهم، فالابتسامة لا تكلفك شيئًا لكنها قد تكون هي الأمل الذي ينتظره الفرج، والنجاة من اليأس، والضوء الذي ينير له الطريق..
ومن هذا الموقف تعلمت عدم احتقار أي فعل من أفعال الخير مهما قل شأنه، وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، واحب الأعمال إلى الله عزوجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعاً، أو كمال قال المصطفى صلى الله عليه وسلم.
*ترويقة:*
قال ابن القيم:-
“إن في قضاء حوائج الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها، فافعل الخير مهما استصغرته فإنك لا تدري أي حسنة تدخلك الجنة، ربما تكون نائماً فتَقرع أبواب السماء عشرات الدعوات لك؛من فقير أعنته أو حزين أسعدته أو عابر ابتسمت له أو مكروب نفّست عنه فلا تستهن بفعل الخير أبداً”.
*ومضة:*
فلا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو في العطف على الحيوان؛ فضلاً عن الإنسان، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*
بقلم: صَالِح الرِّيمِي