سياحة ومتاحف

مواقع غير عادية تنافس أشهر مدن السياحة في أوروبا وأميركا

مع بدايات عام 2020، يبحث كثير من السياح عن مواقع جديدة للزيارة، بعيداً عن الوجهات المألوفة التي يزورها ملايين السياح سنوياً، مثل فرنسا وإسبانيا في أوروبا، وفلوريدا في الولايات المتحدة. وينتمي هؤلاء إلى نخبة زارت بالفعل معظم أنحاء العالم، وتبحث عن مواقع غير عادية تبقى معهم في الذاكرة. وهم يعرفون جيداً أنه كلما زادت أسفار السياحة زادت القناعة بأن هناك مزيداً من المعالم التي ينبغي زيارتها، وكثيراً من المواقع التي يتعين استكشافها. وهم بالتأكيد لا يريدون رحلة سياحية معهودة مثل الملايين غيرهم.

ويقترح خبراء السياحة سنوياً مزيداً من الوجهات غير العادية، عبر شركات ومواقع سياحية، مثل «لونلي بلانيت» و«تريب أدفايزر»، كما يوجد كثير من المقترحات التي يقدمها المغامرون من السياح أنفسهم، ويروون فيها عن تجاربهم الخاصة.

وتشترك هذه الوجهات بأنها غير معروفة لمعظم السياح، وهي مرشحة لأن تبقى كذلك خلال العام الجاري، مما يجعلها وجهات مثالية لمن يريد أن يتجنب الزحام السياحي، ليجد نفسه في مواقع خلابة، بها القليل من الزوار.

ولا يعني اختيار سياحة غير عادية الذهاب إلى أقاصي الأرض، وإن كان هذا وارداً، فبعض هذه الوجهات يوجد في أوروبا وأفريقيا، وهي مناطق قريبة من الشرق الأوسط. ويمكن عبر حسن الاختيار التركيز على الوجهات منخفضة الأخطار، وخصوصاً خطر الإرهاب، مع العلم بأن مخاطر الإرهاب، وفقاً لوزارة الخارجية البريطانية، تعتبر عالية في دول مثل إسبانيا وفرنسا.

وفي هذه المناطق غير العادية، يتعين اتخاذ بعض الحرص، وترتيب السفر عبر شركات معروفة، واتباع إرشاداتها الخاصة بالسلامة والتقاليد المحلية. ويجب تنويع أدوات الإنفاق، وعدم الاعتماد على بطاقات الصرف أو النقد وحدهما. والأفضل في كل الحالات عدم اصطحاب أغراض ثمينة أو إلكترونيات أو مجوهرات يمكن أن تلفت أنظار اللصوص.

كوبا

على الرغم من نمو صناعة السياحة في كوبا إلى ما يقرب من مليوني سائح سنوياً، فإن هناك كثيراً من الوجهات السياحية داخل البلاد التي لم تستكشف بعد. فهناك 253 محمية طبيعية، و257 وجهة آثار وطنية، و7 مواقع تراثية مصنفة من منظمة «اليونيسكو»، و13 حديقة نباتية استوائية.

وقبل الثورة الكوبية كانت علاقات كوبا مع الولايات المتحدة وثيقة، وتدفق عليها الاستثمار الصناعي الذي ما زالت آثاره تظهر في السيارات الأميركية الكلاسيكية التي تعتمد عليها البلاد. ولكن العلاقات تأزمت بعد تأميم الأعمال والشركات، وتعرضت كوبا لفترة مقاطعة طويلة وحظر السفر إليها. ولكن العلاقات في السنوات الأخيرة تحسنت مع أوروبا والولايات المتحدة، وعادت أفواج السياحة مرة أخرى، ومعظمها يتوجه إلى السواحل وإلى العاصمة هافانا. وتعتبر السياحة الآن من مصادر الدخل الرئيسية في البلاد. وتعد كندا من أكبر الدول المصدرة للسياحة إلى كوبا، ويزورها سنوياً من كندا ثلث عدد سياحها. وتنفتح كوبا الآن على العالم، وتشجع القطاع الخاص فيها وصناعة السياحة على وجه أخص. وعادت العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ عام 2015.

ويصل السياح إلى كوبا من جميع أنحاء العالم عبر رحلات جوية منتظمة أو رحلات «تشارتر» سياحية تهبط في عشرة مطارات كوبية. وهناك نسبة عالية من هذه الرحلات تتبع قطاع السياحة العلاجية، نظراً لتفوق هذا القطاع في كوبا. وتوفر كوبا حالياً مزيداً من التسهيلات، مثل فتح المناطق التي كانت محظورة سابقاً على السياح، والسماح للكوبيين بالإقامة في الفنادق السياحية.

جيبوت

وهي تقع ضمن أوائل وجهات السفر الجديدة هذا العام في لائحة «لونلي بلانيت». وكان الاختيار مفاجأة لكثير من الأوروبيين؛ لأن منظمات حقوق الإنسان لا تعتبر جيبوتي من أفضل المواقع في هذا المجال. ولكن «لونلي بلانيت» تؤكد أنها لا تتدخل في السياسات المحلية، وتعتقد أن تشجيع السياحة إلى وجهة أفريقية مغمورة مثل جيبوتي، يمكنه أن يحسن الأحوال المعيشية فيها، عن طريق دعم الصناعات المحلية والاختلاط بأهل البلاد. ويأتي هذا الاختيار أيضاً بناء على تجارب إيجابية قام بها سياح في العام الماضي. وهي بالفعل صناعة ناشئة في جيبوتي؛ حيث زارها في العام الماضي 73 ألف سائح. وهي توفر الشواطئ النظيفة، والجزر شبه الشاغرة، والطقس المعتدل، والشعاب المرجانية، ونشاطات الإبحار والغوص والسباحة والصيد، وخوض رحلات الأدغال. وهي تحتوي على بعض البراكين النشطة وعلى محميات طبيعية.

ويقبل السياح على جيبوتي من فرنسا وبقية الدول الأوروبية، مع نسبة من سياح منطقة الخليج ومن إثيوبيا.

ومن المعالم التي تجذب السياح: مسجد تادجورا، وهو الأقدم تاريخياً في منطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى مدينة جيبوتي، وشاطئ لويادا السياحي، وجزر موشى وماسكالي. ويمكن القيام برحلات بحرية قرب مضيق باب المندب، لمشاهدة الحيتان وأسماك القرش. ويمكن التحدث باللغة العربية التي تنتشر بالإضافة إلى الفرنسية والإنجليزية. ويتعين الالتزام بالتقاليد الإسلامية المحافظة؛ خصوصاً فيما يتعلق بملابس السيدات. كما يجب التحصين ضد بعض الأمراض الاستوائية.

شاطئ ألانتيخو في البرتغال

يذهب ملايين الأوروبيين إلى البرتغال سنوياً، ولكن معظمهم يغفل الذهاب إلى شاطئ ألانتيخو جنوب العاصمة لشبونة. وهي منطقة طبيعية يقطعها نهر سادو الذي يصب في المحيط الأطلنطي، وبها شواطئ تكوِّن فيما بينها شبه جزيرة، ويمكن الوصول إليها بعبَّارات بحرية. ويتمتع القليل من السياح الذين يكتشفون هذه المنطقة برياضات التزلج الشراعي على الماء، والغولف، ومشاهدة الدلافين، والتنزه على الشواطئ. ويمكن زيارة بعض القرى والتعرف على الثقافة المحلية المتأثرة بفترة الحكم العربي في البلاد، وتفقد بعض الآثار الرومانية المنتشرة في المنطقة.

وفي المساء يمكن التوجه إلى منطقة كومبورتا؛ حيث المطاعم منتشرة في الأزقة بين محلات بيع الهدايا والمشروبات. ويمكن استئجار سيارة لاستكشاف معالم المنطقة خلال عشرة شهور من العام، يكون النشاط السياحي خلالها شبه منعدم.

وتزدحم المنطقة بالسياح المحليين من البرتغال خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) من كل عام.

وبالمقاييس الأوروبية تعتبر المنطقة فقيرة نسبياً، ومن الأقل تطوراً في أوروبا، وربما كان هذا من أهم جوانب جاذبيتها. وهي منطقة جمال طبيعي، ويطلق عليها البعض اسم «توسكاني البرتغال» نسبة إلى منطقة سياحية إيطالية مشهورة. والسفر إلى المنطقة يشبه العودة في الزمن إلى نصف قرن مضى؛ خصوصاً فيما يتعلق بالهدوء ووقع الحياة الرتيبة. وهي منطقة معزولة نسبياً، وتحتاج إلى قيادة ساعتين من العاصمة لشبونة أو من مدينة فارو. ولا توجد فنادق فاخرة في المنطقة؛ بل يلجأ السياح إلى بنسيونات صغيرة منتشرة في القرى.

فاليتا في مالطا

بينما يذهب معظم السياح إلى مالطا من أجل التمتع بالشمس والشواطئ، فإن كثيراً منهم يغفل ما تقدمه العاصمة فاليتا من عوامل جذب سياحية فريدة. وتقدم فاليتا التي تأسست عام 1565 وبعض أنحاء مالطا، معالم تاريخية فريدة تمتد لأكثر من خمسة آلاف عام.

ولذلك فهي وجهة سياحية تصلح للزيارة طوال فترات العام؛ حيث السباحة والغوص والرياضات البحرية خلال فترة الصيف، وتفقُّد الآثار وسياحة المدن خلال فصل الشتاء. وهي من أصغر العواصم الأوروبية حجماً، ولكنها توفر كثيراً من المعالم التي تشمل معالم عدة أبرزها: المتحف الوطني، وقصر روكا بيكولا الذي يعود تاريخه إلى القرون الوسطى. وهناك أيضاً متحف حربي، وقلاع، وأسوار بحرية.

وتعد فاليتا حصناً عسكرياً تاريخياً يقع في شبه جزيرة، وتصنفه منظمة «اليونيسكو» ضمن التراث الإنساني.

وأفضل وسائل اكتشاف المدينة، المشي على الأقدام في أزقتها وحدائقها. ولا بد لزائر فاليتا أن يقضي بعض الوقت في الميناء التاريخي الذي يعد حصناً تاريخياً منيعاً. ورغم أنه تأسس منذ القرن السادس عشر، فإنه يتسع الآن لسفن «الكروز» والسفن حاملة الحاويات، كما تنتشر آلاف اليخوت في المناطق المحيطة بالميناء.

ولعشاق الفن يوجد في المدينة أيضاً متحف الفنون الجميلة، الذي يضم لوحات من كبار فناني مالطا وأوروبا، يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثاني عشر.

يوتاه في أميركا

تعتبر ولاية يوتاه الأميركية من أكثر الولايات الأميركية ثراء بالجمال الطبيعي والمعالم غير العادية، ولكنها لا تحظى إلا بنسبة ضئيلة من السياح، بالمقارنة مع ولاية كاليفورنيا المجاورة لها من ناحية الغرب. ويقول أهل الولاية إنها نحتت بالرياح والمياه عبر التاريخ. وهي تضم خمس محميات طبيعية، وكثيراً من الجبال.

وتعد رحلة بالسيارة في أرجاء يوتاه من أفضل الرحلات السياحية التي يمكن أن يقوم بها زائر لولايات أميركية. وهناك كثير من البحيرات المنتشرة في يوتاه، واكتسبت العاصمة «سولت ليك سيتي» اسمها من إحدى هذه البحيرات. وهي توفر أيضاً معالم الحضارة الحديثة في «سولت لايك فالي»؛ حيث دار الأوبرا، ومسرح الباليه، والمتاحف، وقاعات الموسيقى السيمفونية، والمطاعم، والنوادي الليلية.

وتوفر الطريق السريعو «89» في وسط الولاية، فرصة للوحدة والسكينة، وسط مشاهد طبيعية صحراوية حادة بين الوديان العميقة والقمم الشاهقة. ويتعمق هذا المشهد في جنوب يوتاه؛ حيث الصخور التي نحتها الزمن إلى أشكال متعددة، منها ما يشبه الجسور. وتبقى في الولاية آثار لقبائل نافاهو من الهنود الحمر، ووديان ذات تلال عملاقة، طالما ظهرت في أفلام الغرب الأميركية الكلاسيكية. ورحلة إلى ولاية يوتاه، هي في الواقع رحلة إلى الخيال الذي يجمع بين تاريخ الغرب الأميركي والطبيعة في أكثر معالمها درامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى