وحي القلم

أنا آسف

بقلم: صَالِح الرِّيمِي

مسألة شغلت بالي كثيراً عندما حصلت لي مشكلة، اضطررت من خلالها دخول دهاليز المحاكم وقاعات القضاء والجلوس بين يديهم، لكن ما هالني عندما رأيت اكتظاظ المتخاصمين والمتشاحنين بين أروقة المحاكم في بعض القضايا التي أعتبرها من التوافه..

للأسف الشديد في عصرنا غاب عن بال الناس أن إسلامنا مبني أساساً على الصفح والعفو والتسامح، فصرنا ننظر لمن يقبل الإعتذار صفة الذل والإهانة والضعف، وثبت ذلك من خلال تعاملي وتواصلي مع الآخرين، متناسين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون).

هناك سؤال يراودني على الدوام، لماذا بعضنا لا يقدر إعتذار المخطى، إلا إذا أعتقد أنه أخطأ خطأ لا يغفر أو ذنب لا يغتفر؟ آسف عن آسف قلتها ولا تحمل مثلث التوبة “الندم والعزم على التصحيح وتحمل المسؤولية”..

الإعتذار للآخر أمر يحتاج إلى جرأة وشجاعة بل هو أمر يحتاج إلى صدق مع النفس في المقام الأول، أي أن من يعتذر هو الأقوى وهو أمر له معنى أعمق في رأيي الشخصي، فالاعتراف بالخطأ بكل صدق والاعتذار للآخرين ليس تواضعاً أو نفاقاً على الإطلاق.

بالرغم من أن الإعتذار قاسٍ وينكأ الجرح من جديد ويعيد الألم والخطأ مرةً أخرى، لكن الإعتذار لا يسقط من هيبة الإنسان، بل به تصفو النفوس، وتودي إلى الصفح والتراضي والتسامح ويسود الاطمئنان وراحة البال..
في الحقيقة والواقع، ليس هناك إنسان معصوم عن الخطأ، وهذا جزء من إنسانيتنا التي جبلنا الله عليها، لكن الأقل خطأ وهو الذي يتدارك الأخطاء محاولاً إصلاحها قدر الاستطاعة وباسرع ما يمكن.

وهنا أذكر لكم حادثة حصلت مع رسول الأخلاق صلى الله عليه وسلم، إذ يوماً لكز أحد صحابته الكرام، فلم يكتفِ عليه الصلاة والسلام بالإعتدار، بل أخرج بطنه ليقتص منه ذلك الصحابي، وأمام مرآى ومسمع من الناس..

هذا الموقف يعلمنا فيه الرسول الكريم أن الإعتراف بالخطأ شيء جميل، ومن شيم الكرام، وخلق نبيل ونهج نبوي أصيل، فإذا أعتذر لك المخطئ فبادر مباشرة بقبول الإعتذار والتسامح والعفو، متذكراً قوله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ).

*ترويقة:*
أيها المتخاصمون.!! أيها المتشاحنون.!! أصبح الإعتذار ثقافة عالمية، فالاعتذار وكلمة آسف هي الحل الأكيد لجميع الأخطاء والمشكلات التي تصدر منّا تجاه الآخرين، ولها نتائج باهرة ورائعة، تزيد من المحبة وتذهب الحقد والحسد وتؤدي بالنهاية للتكاتف والتعاون.

*ومضة:*
أجمل الاعتذارات أن تعتذر – لنفسك – لزوجك – لطفلك – لعاملك – لأستاذك – لتلميذك.. وليكن منهجك، قوله تعالى: (وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ).

بقلم: صَالِح الرِّيمِي

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى