لم أكن مبالغاً عندما أزعُم، أن أكثر الناس في عالمنا العربي، قد إلتحق بكليّة الوهم، ودرس فيها مواد الوهم، ثم تخرج منها واهماً يحمل شهادة الوهم مع مرتبة الشرف، ثم بدأ يُطبّق ويُمارس ما تلقاه من دروس الوهم في سنوات دراسته، في حياة حاضره ومستقبله، وقد بدأ بخطةٍ يتيمةٍ واحدة (أ) مبنية على الوهم، دون خطة (ب) الواقعية، وقد أصبح حاله كحال قائد مركبة يسير في نفقٍ طويل من دون خَط خِدمة، وعندما تعطّلت مركبته في وسط ذلك النفق، جاءت المركبات الأخرى مسرعةً، ثم دهسته هو ومركبته، فأصبح أشلاءً تحت عجلات مركبات الغير.
فكم من ناسٍ في عالمنا العربي، أنشأؤا مشاريع وهمية في عقولهم غير قابلة للتطبيق، ولم يحيدوا عن التفكير فيها والتخطيط لها، ويحسبون أنهم على شئ، فواصلوا وهمهم في طريقٍ واحد، وبالتالي ماتوا بحسرتهم ولم يُحققوا منها شيئاً يُذكر، وذلك لإنهم لم يعيشوا واقع الحال، ولم يعلموا أنهم يبدأون صغاراً في خطط مشاريعهم، ثم يكبرون بالتدريج مع مرور الوقت، ولكنهم ما عقلوا ذلك، فتسلقوا نوايف الجبال ذوات الجُرُف العالية، بإمكاناتٍ ضعيفةٍ واهمة، فأنهارت بهم في سحيق الهاوية، فأصبحوا طعاماً لجوارح الطيور ذواتِ الحواصلِ الخِماص.
بقلم: سالم سعيد الغامدي