وحي القلم

لماذا يا عرب ؟

بقلم: د.محمد سالم الغامدي

عندما نتحدث عن الوطن العربي كمساحة وسكان كرمهم الله بإنزال كتابه العظيم بلغتهم الخالدة، وهذا التكريم بالطبع له أسباب ربانية قد تكون لإخراج هذه الأمة من الظلمات التي كانوا يعيشونها إلى النور الذي أراده لهم رب العالمين قال تعالى ( وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * .

كما كرمهم الله تعالى باختيار نبيه ورسوله خاتم الأنبياء والرسل ليكون منهم وفيهم، وهذا أيضا يعد زيادة في المكانة والتكريم، وكان من نتيجة ذلك أن انتشلهم الله تعالى من الجهل والظلام الذي كانوا يعيشونه إلى النور والتمكن في الأرض، فاستطاعوا نشر هذا الدين وقيمه الفاضلة في مختلف بقاع الأرض في القرون الخمسة الأولى من بعثة نبي الله ورسوله فيهم، عندما كانوا صفاً واحداً في ممارساتهم للدين وأعمالهم الدنيوية .

لكن ذلك الحال لم يدم طويلاً حيث بدأت علامات التشرذم والتنافر تنتشر بينهم فقوضت جمعهم تحت مظلة المذاهب المختلفة والأطماع السياسية، واتخاذهم للدين عباءة ومن المذاهب غطاء ومن الأطماع سلاح، فكانت تلك الأمور مجتمعة سبباً في ذلك الضعف والهوان وفرصة سانحة للطامعين والحاقدين من حولهم أن يقسموهم فرقاً وشعوباً، فأصبحوا لقمة سائغة لكل طامع في تلك الثروات التي منحهم الله تعالى، والتي أهدرت ولم تستثمر بعد أن سلموا عقولهم ومعها تلك الثروات للغير ليعبثوا بهم وبها كيفما شاءوا .

ولعل الحال الذي يعيشونه في هذه المرحلة الزمنية يجعل كل ذي لب من أبناء هذا الوطن الكبير يتساءل متى سيجتمعون صفاً واحداً وأمة واحدة لا مذهب ولا طائفة ولا جنس ولا لون يفرقهم ؟ ومتى سيستثمرون ثرواتهم فوق الأرض وتحتها ؟ ومتى سيستثمرون العقول المبدعة من أبنائهم؟ ومتى سينتجون المعرفة بعد أن أصبحوا أعلى شعوب العالم استهلاكاً لها ؟ ومتى سيتولى أمرهم القوي الأمين ؟ ومتى سيعودون إلى كتاب الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة ويتركون كلام البشر الذي يتغير ويتبدل حسب الأهواء والرغبات ؟ ومتى سينسلخون من تقديس الأفراد الأحياء منهم والأموات؟ .

واليقين إن كل مواطن عربي يحلم بهذا اليوم الذي يرى فيه وطنه متحداً ومرجع أهله كتاب الله جل جلالة والصحيح من سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ويحلم أنه سيأكل من صنع يديه ويلبس من صنع يديه ويتطبب من صنع يديه ويحمي ثروات وطنه المهدرة .

إنها أحلام كبيرة تتعدى مساحة هذا الوطن الكبير من الخلبج إلى المحيط لكنها بالطبع ليست مستحيلة لو ذهبت تلك الأسباب التي أفرزتها القرون الماضية والتي كانت سبباً لذلك التشتت والتنافر والضعف والهوان فدعونا نحلم جميعاً لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً … والله من وراء القصد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى