وحي القلم

والصلح خير

بقلم: صالح الريمي

مجالس الصلح واجب ديني يحتمه الشرع، ويجعله علامة من علامات الإيمان، ودليلاً من دلائل تقوى الله تعالى، فضلاً عن كونها أمارة من أمارات الإحسان، وإصلاح ذات البين عبادة من أفضل العبادات أشاد الله تعالى، ورسوله بها، فأبان لنا الرسول الكريم فضلها وقداستها في الحديث: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة).

أنقل لكم قصة من ذهب من كتاب مقالات في كلمات، «وَالصُّلْحُ خَيْرٌ»، قصة عاشها الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله..

يقول الشيخ وقع مرة بيني وبين صديق لي ما قد يقع مثله بين الأصدقاء، فأعرض عني وأعرضت عنه، ونأى بجانبه ونأيت بجنبي، ومشى بيننا أولاد الحلال بالصلح، فنقلوا مني إليه ومنه إليّ، فحولوا الصديقين ببركة سعيهما إلى عدوين، وانقطع ما كان بيني وبينه، وكان بيننا مودة ثلاثين سنة.

وطالت القطيعة وثقلت علي، ففكرت يوماً في ساعة رحمانية، وأزمعت أمراً. ذهبت إليه فطرقت بابه، فلما رأتني زوجه كذبت بصرها، ولما دَخَلت تنبئه كذب سمعه، وخرج إلي مشدوهاً! فما لبثته حتى حييته بأطيب تحية كنت أحييه أيام الوداد بها، واضطر فحياني بمثلها، ودعاني فدخلت، ولم أدعه في حيرته، فقلت له ضاحكاً: لقد جئت أصالحك! وذكرنا ما كان وما صار، وقال وقلت، وعاتبني وعاتبته، ونفضنا بالعتاب الغبار عن مودتنا، فعادت كما كانت، وعدنا إليها كما كنا..

وأنا أعتقد أن ثلاثة أرباع المختلفين لو صنع أحدهما ما صنعت لذهب الخلاف ، ورجع الائتلاف ، وإن زيارة كريمة قد تمحو عداوة بين أخوين كانت تؤدي بهما إلى المحاكم والسجون..

إنها والله خطوة واحدة تصلون بها إلى أنس الحب، ومتعة الود، وتسترجعون بها الزوجة المهاجرة، والصديق المخالف، فلا تترددوا.

*ترويقة:*
إنّ الصلح يغلق منافذ الشر وإن عظمت ويطهر النفوس من وساوس الشيطان وما أكثرها! ويستديم المودة، ويستأصل الضغينة، ويشيع الرضا في النفوس، ويزيل أسباب الخلاف، ويمكن للوفاق والائتلاف، وقد أعظم الإسلام الصلح، واعتبره العلاج الأمثل الذي لا بديل له.

*ومضة:*
قوله تعالى: (إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

بقلم: صالح الريمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى